للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والرجوع بها جميعها إلى لغة قريش التي هي أفصح اللغات وأقربها مأخذا وأسهلها مساغا وأحسنها بيانا.

أيقدر هؤلاء العجزة الضعفاء في جاهليتهم الأولى على ما نعجز عنه نحن؟ ونحن إلى مؤتمرهم أحوج منهم إليه؛ لأن تفرق اللغات في عصرهم لا يمكن أن يبلغ مبلغ تفرقها في عصرنا بين لغات العامة المتباينة ولغة العلماء ولغة الدواوين ولغة القصاصين ولغة الصحافيين.

إن كان الجاهليون في حاجة إلى مجتمع لتوحيد اللغات المتفرقة فنحن في حاجة إلى مجتمعات كثيرة: مجتمع لجمع المفردات العربية المأثورة جميعها وشرح أوجه استعمالها الحقيقية والمجازية في كتاب واحد يقع الاتفاق عليه والإجماع على العمل به، ومجتمع دائم لوضع أسماء للمسميات الحديثة سواء كانت أعيانا أو معاني بطريق التعريب أو النحت أو الاشتقاق الكبير أو الصغير، وآخر للإشراف على الأساليب العربية المستعملة وتهذيبها وتصفيتها من المبتذل الساقط والمستغلق النافر والوقوف بها عند الحد الملائم للعصر الحاضر ولأذهان المعاصرين، وآخر للمفاضلة بين الكتاب والشعراء والخطباء, ومجازاة المبرز منهم والمقصر إن خير فخير، وإن شرا فشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>