للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عواصف البادية ولم تلوثه الإبل, والأبقار بأبوالها وأرواثها.

أليس من الظلم المبين والغبن الفاحش أن تضيق حاجاتهم عن لغتهم فيتفكهوا بوضع خمسمائة اسم للأسد وأربعمائة للداهية وثلاثمائة للسيف ومائتين للحية وخمسين للناقة، وتضيق لغتنا عن حاجاتنا فلا نعرف لأداة واحدة من الآلاف المؤلفة من أدوات المعمل الواحد اسما عربيا إلا قليلا من أمثال المسبر والمبرد والمنشار والمسمار.

أيكون لسفينة البر وهي لا تحمل إلا الرجل أو الرجل ورديفه مائتا اسم لها ومئين من الأسماء لأعضائها وأوصالها ورحلها وكورها, ولا يكون لسفينة البحر وهي المدينة المتنقلة في الدأماء قليل من ذلك الحظ الكثير.

كان لعرب الجاهلية الأولى مؤتمر لغوي يعقدونه في كل عام بالحجاز بين نخلة والطائف يجتمع فيه شعراؤهم وخطباؤهم يتناشدون ويتساجلون ويتحاورون ويعرضون أنفسهم على قضاة من نوابغهم يوازنون بينهم, ويحكمون لمبرّزهم على مقصرّهم حكما لا يرد ولا يعارض، ولقد شعروا بضرورة عقد هذا المؤتمر عندما أحسوا بتفرق لغتهم بين اليمن والشام ونجد وتهامة لصعوبة التواصل في تلك البقاع وبعد ما بين قاصيها ودانيها، فكان مطمح أنظارهم في ذلك المجتمع توحيد لغاتهم وجمع شتاتها

<<  <  ج: ص:  >  >>