في ظله، وأنعم بثمرته، زخرف لي هذا الجمال الخيالي البريء من الريبة والإثم وزوّره١ لي تزويرا بديعا، ووضع لي فيه من الملاذ والمحاسن مالم يضع لغيري رحمة بي، وإرعاء علي أن أهلك أو يهلك لبي بين اليأس القاتل، والرجاء الكاذب، وهكذا لا أزال محلقا في هذا الجو البديع من الخيال أضحك مرة، وأكتئب أخرى، وأتغنى حينا وأبكي أحيانا، حتى يرميني الباب ببعض الطارقين أو يستعيد إلى نفسي مستعيد.
ولم يكن حولي لذلك العهد ممن يستعين بمثلهم مثلي على الأدب أحد؛ لأنني كنت أعيش في مفتتح عهدي به، ولم أكن زاهيت إذ ذاك الثالثة عشرة من عمري بين أشياخ أزهريين من الطراز القديم لا يرون رأيي فيه، ولا يتعلقون منه بما أتعلق، فكانوا يرون أن التوفر عليه أو الألمام به عمل من أعمال البطالة والعبث، وفتنة من فتن الشيطان، فكان الذين يتولون أمري منهم لا يزالون يحولون بيني وبينه كما يحول الأب بين ولده وبين ما يعرض له من فتن الهوى ونزغات الصبوة ضنا بي يزعمون أن أنفق ساعة من ساعات دراستي بين لهو الحياة ولعبها، فكنت لا أستطيع أن ألم بكتابي إلا في الساعة التي آمن فيها على نفسي أن يلموا