لا يعنيه إلا ذات نفسه ولا يشغله من شئون تلك المرأة إلا الشأن الذي يرتبط بشهوته، ويتعلق بلذته، وآية ذلك أنه لا ينظر بعد اتصاله بها في إصلاح قلبها، ولا يحاول أن ينزع من بين جنبيها ملكة الفساد الراسخة في نفسها، ولا يداخلها مداخلة المؤدب المهذب الذي يصور في نظرها معيشة الفساد بصورة تنفر منها وتشمئز لها، بل لا يكفيها مئونة العيش ولا يرفهها ولا يقلبها في الرغد والنعمة إلا إذا شعر بأن في قلبه بقية من الوجد والشغف بها، فإذا أقفر قلبه من حبها وعلم أن فراقها لا يهيج له وجدا، ورجوعها إلى عيشها السالف لا يثير منه غيرة، فارقها فراقا هادئا مطمئنا لا يمازجه حزن على فسادها، ولا يخالطه أسف على سقوطها، وهنالك تعود تلك المرأة إلى عشها الذي طارت منه, وقد أمسكت بين جوانحها من الحقد والموجدة على معيشة الصلاح والاستقامة ما الله عالم به.
فالرجل الذي يتزوج من البغي قضاء لشهوته وإيثارا للذته، لا ينفعها ولا يحسن إليها؛ لأنه لا يهذب نفسها، ولا يفي لها بما عاهدها عليه من البقاء معها، والاستمرار على عشرتها، بل يسيء إليها بسوء تصرفه معها فيبغض إليها الصلاح ويحبب إليها الفساد، وعندي أنه في عمله هذا فاسق لا متزوج؛ لأنه لو لم ير أن الزواج