كل شيء حتى الشعور بنزوله بها، وعلم أن حياة ذلك الشعب في موت ذلك القيصر فهان عليه أن يقتل صديقه وسيده افتداء لأمته, فطعنه طعنة نجلاء سلبته نفسه فهاج الشعب الروماني على القاتل وأعوانه هياج الأمواج المتدافعة على السفن المبعثرة في أكناف الدأماء، فوقف الرجل خطيبا في وجه هذا الشعب المائج المحتدم حزنا على خلاصه من يد قاتله وقفة المستبسل المستميت، وكان لا بد له في موقفه من أحد المصيرين؛ إما نصر يعلو به إلى مدار الأفلاك، أو خذلان يهوي به إلى مقر الأسماك، ومن أحد المخرجين؛ إما مخرجه مرفوعا على محفة الأبطال، أو محمولا على أعناق الرجال، فبعد لأي ما استطاع بعض الناس أن يسكن ثائرة الثائرين ويستدرجهم إلى سماع دفاع القاتل عن نفسه أو التفكه بمنظر هذيانه وهو يتلمس في هذه الظلمة الحالكة المخرج من جرمه.
الخطبة:
بروتس "وهو على منبر الخطابة": أيها الرومانيون، أتعدونني بالصبر القليل على سماع ما أقول من حلو الكلام, ومره إكراما لموقفي, وإكراما للعدل؟
أنا لا أريد أن أخدعكم عن أنفسكم, ولا أن أعبث بعقولكم