الفلاح: ماتت رحمها الله في سبيل خدمة سيدها؛ فقد كنا يوما نمتح١ على حافة بئر فزلقت أقدامنا وانبتّ بنا الحبل فسقطنا، أما هي فاستأثر الله بها وأما أنا فانكسرت رجلي وقدر الله لي الحياة, فما أسفت على شيء أسفي على أن لم أكن قد لحقتُ بها فأكون قد هلكت في سبيل خدمة سيدي كما هلكت؛ ليترحم علي كما ترحم عليها, ويأمر بدفني في مقبرة أجداده كما أمر بدفنها.
الشيخ: ربما كنتَ قانعا من إحسان سيدك إليك, وعطفه عليك بما تعود به على نفسك وعيالك من غلة هذه الأرض وثمراتها.
الفلاح: لا والله يا مولاي, ما أعلمني نازعت سيدي نعمته وسعادته في قفيز بُرّ أو حفنة تمر، إلا أن تسقط بين يدي تمرة أعلم أنه لا يأبه لها فتكون قسمة بيني وبين ولدي, أو أحتطب من أطراف هذا الوادي بضعة أعواد من الحطب أشعلها تحت قدري, وأستغفر الله مما سهوت عنه أو أخطأت فيه.
وهنا رأيت أبا العلاء كأنما يحاول أن يكاتمني دمعة تترجح في مقلتيه, فأشرت إليه بالقيام فقمنا ومشينا صامتين لا ينطق ولا أنطق حتى بلغنا المنزل, وقد نزل ستر الظلام فقلت: أرجو يا مولاي