وحضرت ليلة أمس منظرا من مناظر الصور المتحركة, فرأيتهم يمثلون ذلك السلطان بعينه رجلا ظالما سفاحا ضعيف الهمة ساقط النفس زمِن المروءة جبانا مستطارا، ورأيتهم قد عمدوا إلى صورته فجعلوها مواطئ أقدامهم، ومضارب سيوفهم، فما رأى الناس هذا المنظر حتى راق في أعينهم وابتهجوا لمرآه ابتهاجا ملأ فضاء صدورهم، فتمشى في أعصاب أدمغتهم، حتى وصل إلى أعصاب أيديهم، فصفقوا له تصفيقا شديدا بتلك الأكف التي رأيتهم يصفقون بها في مسرح التمثيل.
أنا لا أعلم إن كان عبد الحميد ظالما أو عادلا، كريما أو لئيما، شريفا أو وضيعا، وإنما أعلم أنني سأموت قبل أن أقف على حقيقة تاريخية في أمره ما دام الناس عامتهم وخاصتهم, كتابهم وشعراؤهم, علماؤهم وجهلاؤهم، هم الناس الذين يقول فيهم القائل:
والناس من يلق خيرا قائلون له ... ما يشتهي ولأم المخطئ الهبل
الشهرة:
لا يمكن أن تكون الشهرة بحال من الأحوال ميزانا للفضل في مصر خصوصا في عالم الأدب، ولن يجري الفضل والذكر في ميدان واحد إلا إذا سلم السباق من كيد العابث