أن يجريها بين عباده، فلما عجز عن أن يدخل إلى من باب الطمع، دخل إلي من باب الأمل، فهو يمنحني المنحة فاغتبط بها حقبة من الدهر حتى إذا علم أن بذرة الأمل التي غرسها في نفسي قد نمت وأزهرت، وأنني قد استعذبت طعم النعمة التي آتاني كرّ عليّ فانتزعها من يدي أنعَمَ ما أكون بها كما تُنتزع الكأس الباردة من يد الظامئ الهيمان، ليعظم وقوع السهم في كبدي، ويفدح سلب النعمة من يدي، ولولا ذلك ما نال مني منالا، ولا وجد إلي سبيلا.
يا بني إن قدر الله لكم أن تتلاقوا في روضة من رياض الجنة، أو على شاطئ غدير من غدرانها، أو تحت ظلال قصر من قصورها، فاذكروني مثل ما أذكركم، وقفوا بين يدي ربكم صفا واحدا كما يقف بين يديه المصلون، ومدوا إليه أكفكم الصغيرة كما يمدها السائلون، وقولوا له: اللهم إنك تعلم أن هذا الرجل المسكين كان يحبنا، وكنا نحبه وقد فرقت الأيام بيننا وبينه فهو لا يزال يلاقي من بعدنا من شقاء الحياة وبأسائها مالا طاقة له باحتماله، ولا نزال نجد بين جوانحنا من الوجد به، والحنين إليه، ما ينغص علينا هناء هذه النعمة التي ننعم بها في جوارك