للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يستطيع الرجل أن يكون رجلا تام الرجولة حتى يجد إلى جانبه زوجة تبعث في نفسه روح الشهامة والهمة وتغرس في قلبه كبرياء المسئولية وعظمتها، وحسب المرء أن يعلم أنه سيد وأن له رعية كبيرة أو صغيرة تضع ثقتها فيه وتستظل بظل حمايته ورعايته وتعتمد في شئون حياتها عليه حتى يشعر بحاجته إلى استكمال جميع صفات السيد ومزاياه في نفسه، فلا يزال يعالج ذلك ويأخذ نفسه به حتى يتم له، وما نصح الرجل بالجد في عمله والاستقامة في شئون حياته وسلوك الجادة في سيره ولا هداه إلى التدبير ومزاياه والاقتصاد وفوائده والسعي وثمراته، ولا دفع به في طريق المغامرة والمخاطرة والدأب والمثابرة مثل دموع الزوجة المنهلة, ويدها الضارعة المبسوطة.

ولا يستطيع الشيخ الفاني في أخريات أيامه أن يجد في قلب ولده الفتى من الحنان والعطف والحب والإيثار ما يجد من ذلك في قلب ابنته الفتاة، فهي التي تمنحه يدها عكازا لشيخوخته وقلبها مستودعا لأسراره وهواجس نفسه، وهي التي تسهر بجانب سرير مرضه ليلها كله تتسمع أنفاسه وتصغي إلى أناته وتحرص الحرص كله على أن تفهم من رعشات يديه ونظرات عينيه حاجاته وأغراضه، فإذا نزل ستار الموت بينها وبينه كانت هي من دون أهله جميعا

<<  <  ج: ص:  >  >>