للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سوى ترفيه عيشها وتدليل نفسها والتقلب بين أعطاف شهواتها ولذائذها، فلم ينتفع منها بشيء بل زادت همومه وآلامه وأثقال عيشه، ولكن ماذا يعمل وقد وُضعت السلسلة في عنقه وانتهى الأمر، وأصبحت ابنته بعد أن كانت سيدة بيتها وأميرة نفسها أسيرة في يد امرأة قاسية داهية تسومها أنواع الخسف وصنوف العذاب، فكانت تحتمل ذلك كله بصبر وجلد، وكانت تكتمه أباها كتمانا شديدا ضنا براحته وسكونه، بل كانت تكتم عنه علائق زوجته وصلاتها بمعارفها وأصدقائها؛ رحمة به وإشفاقا عليه.

وكثيرا ما كان يعود إلى منزله في بعض لياليه حاملا بعض دفاتر المصرف في يده ليتمم فيها العمل الذي أعجله الوقت عن إتمامه هناك, فيجلس إلى مكتبه ساهرا ليله مكبا على عمله ذائدا النوم عن عينيه حتى يغلبه على أمره, فينام في مكانه والقلم معلق بين أصابعه في الساعة التي تكون فيها زوجته بين جمع من أصدقائها وصديقاتها, في بعض الملاعب أو الحانات أو المجتمعات الخاصة راقصة لاهية عابثة بجميع الفضائل الإنسانية، فإذا استيقظت ابنته أثناء الليل ورأته على هذه الحالة مشت إليه برفق وهدوء, وجلست على كرسي أمامه واجتذبت إليها الدفتر الذي بين يديه وأتمت فيه العمل من حيث قطعه، ثم توقظه بعد ذلك لينام في فراشه, فيشكر

<<  <  ج: ص:  >  >>