للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعيد يمزق نور مصباحيها المشتعلين أحشاء الظلمات, فتريثت هنيهة في مكانها حتى مرت المركبة بها فإذا المسيو "لورين" جالسا بين بضع فتيات خليعات, يعابثهن ويداعبهن ويقهقه قهقهة عالية ترن في أجواء الفضاء, فاختبأت وراء شجرة حتى مر ثم برزت من مخبئها تحدث نفسها وتقول: ها هو المجرم سعيد في حياته, مغتبط بعيشة, يتقلب في أعطاف العيش الناعم لا ينغّص عليه عيشه منغص ولا يكدر حياته مكدر، وها أنا ذا البريئة الطاهرة التي لم ألوث يدي في حياتي بجريمة ولم أقترف بيني وبين ضميري إثما, أهيم في هذا الوادي الفسيح على وجهي لا أعرف لي ملجأ ولا مأوى، ولا أعرف سبيلا للعيش ولا مذهبا، ولو عرفت لما استطعت أن أنتفع بمعرفتي؛ لأنني مجرمة قاتلة، ومن ذا يأمن على نفسه أن يتصل بالقتلة المجرمين أو يعطف على بأسائهم وضرئهم؟!

لا لا، لا بد أن أعيش ولا بد أن أنتقم، وما دامت الشرائع الإلهية والقوانين الوضعية قد عجزت عن أن تنتصف للناس من الناس, فلينتصف الناس بأنفسهم لأنفسهم.

وانحدرت من طريق النهر إلى طريق المدينة, وقد ودعت في تلك اللحظة جميع خواطر الخير التي ملأت فضاء نفسها طول

<<  <  ج: ص:  >  >>