للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبلها فصدق القضاة الأغبياء دعواك, فحكموا عليها بالسجن خمس سنوات كابدتْ فيها من صنوف العذاب وأنواع الآلام ما لا يستطيع أن يحتمله بشر، ثم خرجتْ من سجنها مصفِرة اليد من كل شيء في العالم، من بيتها وأهلها وكرامتها وشرفها وكل ما تملك يدها، حتى من القوت الذي تقيم به صلبها بياض يومها وسواد ليلها، وكان لا بد لها من المغامرة بنفسها في إحدى الهوتين، إما هوة الموت لترتاح من هموم الحياة وآلامها، أو هوة الفساد لتنتقم لنفسها من عدوها الذي نكبها وأفسد عليها حياتها، فآثرت الانتقام على الموت؛ لأن نفسها الطاهرة الطيبة قد استحالت إلى نفس شريرة حاقدة لا تريد أن تسمح لعدوها أن يبني سعادته على أنقاض شقائها, وأن يفلت من العقوبة التي هي النتيجة الطبيعية لجميع الذنوب والآثام، وها هي قد انتقمت لنفسها وروحت عنها همومها وآلامها.

فنكس رأسه مليا ثم رفعه وقال: إذًا ما أحببتني قط يا "لوسي"؟ قالت: نعم، بل ما اتصلت بك إلا لأسوقك إلى هذا المصير الذي صرت إليه اليوم، أنت الآن متألم جدا، بل لا يوجد في العالم كله ألم مثل الألم الذي يعتلج في أعماق نفسك؛ لأنك فقدت في يوم واحد شرفك وكرامتك ومالك وحريتك وموضوع حبك ووجهة آمالك في حياتك، وهذا ما كنت أريده وأرجوه، وهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>