للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصدر في عمله عن روح هائجة محتدمة لا هم لها إلا أن تلتهم وتستأصل وتأتي على كل ما تستطيع الإتيان عليه، فهو يقضي قضاءه لا ليعاقب المجرم على جريمته، ولا ليدفع عن المجتمع شروره وآثامه، بل ليجرح نفسه ويؤلمها وينال منها أقصى ما يرى أنه كافٍ لشفاء حقده وإطفاء غلته، فيجازي على الشتم بالضرب، وعلى الضرب بالقتل، وعلى القتل بالتشويه والتمثيل، ولا يأبى أن يأخذ البريء بذنب المجرم، والجار بذنب الجار، فالانتقام جريمة كيفما كان الباعث عليه والدافع له، وكل جريمة تترك في نفس صاحبها نصيبا من الألم والحسرة بمقدارها، ما من ذلك بد، ولقد صدق الذي يقول: إن العفو مرارة ساعة ثم السعادة إلى الأبد، وإن الانتقام لذة ساعة ثم الشقاء الدائم الذي لا يفنى.

عادت "إيلين" إلى غرفتها بعد ذهاب "لورين" وكان الليل قد أظلها, فجلست تراجع فهرس حياتها الماضية وتقلب صفحاتها صفحة صفحة, فشعرت بدبيب السآمة والملل في نفسها, وخيل إليها أنها ستعيش بعد اليوم عيشة تافهة مملولة لا طعم لها ولا لذة فيها، ورأت كأن سحابة سوداء من شقاء الحياة وبؤسها تدنو منها شيئا فشيئا، وأخذت تسائل نفسها: هل أصابت فيما فعلت أم أخطأت؟ وهل سعدت بالانتقام أم شقيت؟ وهل كان خيرا لها أن تلقي

<<  <  ج: ص:  >  >>