للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما خدعني هؤلاء الممثلون البارعون, فقد طاروا بي في فضاء الخيال وما زالوا يأخذون على نظري حتى محوا صورهم الحقيقية من ذاكرتي, فلم أر أمامي غير زوج حزين وزوجة مظلومة وفتاة تبكي على أبويها بكاء الحزين إثر الحزين.

الممثل البارع هو الذي يستطيع أن يتجرد من نفسه, وأن يتقمص شخصا غير شخصه حتى يكاد ينكره عارفوه، وكذلك كان شأن هؤلاء الممثلين في رواية عواطف البنين، فقد أجاد كل منهم تمثيل دوره المحزن المؤثر وبلغ من الإحسان الغاية التي لا غاية وراءها، حتى رأيت العيون شاخصة والأنفاس معلقة والدموع مرسلة, وحتى خيل إلي أني أسمع خفقان القلوب بين الجوانح.

أما الرواية فإنها تشتمل على عبر كثيرة, أذكر منها ما يأتي:

١- لا يستطيع أن يبلغ الإنسان منزلة الوفاء إلا إذا لقي في هذا السبيل شقاء كثيرا, وعذابا أليما.

٢- المرائي يبني بيته على شفير هار, فلا يكون بينه وبين الانهيار إلا أن تهب عليه بعض العواصف المجتاحة.

٣- إن الذي يلد ولدا في غير مهده يجني عليه جناية كبرى؛ لأنه يرمي به في بحر زاخر لا يقوى على السباحة فيه, ولا يرى حوله من يمد له يدا لنجاته, أو يسوق إليه

<<  <  ج: ص:  >  >>