للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو رجل قد وثقنا به وبفهمه واستقامة شأنه، فاخترناه لفضل الخصومات إن عرض من ذلك عارض، قلت أليس له جند وأعوان يؤيدونه وينفذون أحكامه، قال: نعم كلنا جنده، وكلنا أعوانه على كل من يختلف عليه أو يتمرد على حكمه فقد وثقنا به وبعدله وكفى، قلت أليس له سجن يحبس فيه المجرمين، قال لا، حسب المجرم عندنا عقوبة أن يتفق أهل المدينة على احتقاره والزراية به، وإن أحدنا ليؤثر أن يتخطفه الطير أو يسقط عليه كسف١ من السماء قبل أن يرى نفسه بغيضًا إلى قومه صغيرًا في نفوسهم ذليلا في أعينهم لا يرفعون إليه طرفا، ولا يقيمون له وزنًا.

وما وصلنا من حديثنا إلى هذا الحد حتى كنا قد فرغنا من الطواف بالمدينة، ووصلنا إلى المنزل الذي خرجنا منه فاستقبلنا أهلوه بالبشر والترحاب، واستقبلوا شيخهم بالتقبيل والعناق، فلم أر فيما رأيت من البيوت في مدن العالم، وقراه بيتا أسعد حظا ولا أنعم عيشا ولا أروح بالًا من هذا البيت.

تلك مدينة السعادة التي يعيش أهلها سعداء، لا يشكون هما


١ الكسف: القطعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>