للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّتِي فَارَقَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، فَلَمَّا كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ أَوْحَى اللهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَذْبَحَهُ وَيَجْعَلَهُ قُرْبَانًا، وَكَانَ الْقُرْبَانُ يَوْمَئِذٍ يُتَقَبَّلُ وَيُرْفَعُ، فَكَتَمَ إِبْرَاهِيمُ ذَلِكَ إِسْحَاقَ وَجَمِيعَ النَّاسِ، وَأَسَرَّهُ إِلَى خَلِيلٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ الْعَازِرُ الصِّدِّيقُ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ وَقَوْلِهِ، فَقَالَ لَهُ الصِّدِّيقُ: إِنَّ اللهَ لَا يَبْتَلِي بِمِثْلِ هَذَا مِثْلَكَ، وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّبَكَ وَيَخْتَبِرَكَ، فَلا تَسُوءَنَّ بِاللهِ ظَنَّكَ، فَإِنَّ اللهَ يَجْعَلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِلَّا بِاللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

فَذَكَرَ وَهْبٌ حَدِيثًا طَوِيلًا إِلَى أَنْ قَالَ وَهْبٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: "لَقَدْ سَبَقَ إِسْحَاقُ النَّاسَ إِلَى دَعْوَةٍ مَا سَبَقَهُ إِلَيْهَا أَحَدٌ (١)، وَلَيَقُومَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَيَشْفَعَنَّ لِأَهْلِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ، وَأَقْبَلَ اللهُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ (٢)، فَقَالَ: اسْمَعْ مِنِّي يَا إِبْرَاهِيمُ، يَا (٣) أَصْدَقَ الصَّادِقِينَ. وَقَالَ لِإِسْحَاقَ: اسْمَعْ مِنِّي يَا أَصْبِرَ الصَّابِرِينَ، فَإِنِّي قَدِ ابْتَلَيْتُكُمَا الْيَوْمَ بِبَلاءٍ عَظِيمٍ لَمْ ابْتَلِ بِهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِي، ابْتَلَيْتُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ بِالْحَرِيقِ، فَصَبَرْتَ صَبْرًا لَمْ يَصْبِرْ مِثْلَهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ، وَابْتَلَيْتُكَ بِالْجهَادِ فِيَّ وَأَنْتَ وَحِيدٌ ضَعِيفٌ، فَصَدَّقَتْ وَصَبَرَتْ صَبْرًا وَصِدْقًا لَمْ يُصَدِّقْ مِثْلَهُ أَحَدٌ (٤) مِنَ الْعَالَمِينَ، وَابْتَلَيْتُكَ يَا إِسْحَاقُ بِالذَّبْحِ، فَلَمْ تَبْخَلْ بِنَفْسِكَ، وَلَمْ تُعَظِّمْ ذَلِكَ (٥) فِي طَاعَةِ أَبِيكَ، وَرَأَيْتَ ذَلِكَ هَيْنًا صَغِيرًا


(١) في (ز) و (م): "إلى دعوة ما سبقها إليه أحد".
(٢) قوله: "ذلك المقام" مكانه بياض في (و) و (ص).
(٣) يوجد بياض في (و) و (ص) بين "إبراهيم" و"يا"، وفي (ز) و (م): "إني" بدل: "يا".
(٤) في (و) و (ص): "أحد مثله".
(٥) في (و) و (ص): "ولم يعظم ذلك عليك".

<<  <  ج: ص:  >  >>