للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: لَمَّا طُعِنَ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: يَا مُعَاذُ، صَلِّ بِالنَّاسِ، فَصَلَّى مُعَاذٌ بِالنَّاسِ، ثُمَّ مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَامَ مُعَاذٌ فِي النَّاسِ، فَقَالَ: يَا أيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللهِ مِنْ ذُنُوبِكُمْ تَوْبَةً نَصُوحًا، فَإِنَّ عَبْدَ اللهِ لَا يَلْقَى اللهَ تَائِبًا مِنْ ذَنْبِهِ، إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، ثُمٌ قَالَ: إِنَّكُمْ أيُّهَا النَّاسُ قَدْ فُجِعْتُمْ بِرَجُلٍ، وَاللهِ مَا أَزْعُمُ أنِّي رَأَيْتُ مِن عِبَادِ اللهِ عَبْدًا قَطُّ أَقَلَّ غِمْرًا (١)، وَلَا أَبَرَّ صَدْرًا، وَلَا أَبْعَدَ (٢) غَائِلَةً، وَلَا أَشَدَّ حُبًّا لِلْعَافِيَةِ، وَلَا أَنْصَحَ لِلْعَامَّةِ مِنْهُ، فَترَحَّمُوا عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَصْحِرُوا (٣) لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَوَاللهِ لَا يَلِي عَلَيْكُمْ مِثْلَهُ أَبَدًا. فَاجْتَمَعَ النَّاسُ، وَأُخْرِجَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَتَقَدَّمَ مُعَاذٌ، فَصَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا أَتَى بِهِ قَبْرَهُ دَخَلَ قَبْرَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ، فَلَمَّا وَضَعُوهُ فِي لَحْدِهِ وَخَرَجُوا فَسَنُّوا عَلَيْهِ التُّرَابَ، قَالَ مُعَاذ بْنُ جَبَلٍ: يَا أَبَا عُبَيْدَةَ، لَأُثْنِيَنَّ عَلَيْكَ، وَلَا أَقُولُ بَاطِلًا أَخَافُ أَنْ يَلْحَقَنِي بِهَا مِنَ اللهِ مَقْتٌ، كُنْتَ وَاللهِ مَا عَلِمْتُ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا، وَمِنَ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا، وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا، وَمَنِ الَّذِينَ إِذَا أَنْفِقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا، وَكُنْتَ وَاللهِ مِنَ الْمُخْبَتِينَ الْمُتَوَاضِعِينَ الَّذِينَ يَرْحَمُونَ الْيَتِيمَ وَالْمِسْكِينَ، وَيبْغُضُونَ الْخَائِنِينَ الْمُتكَبِّرِينَ (٤).


(١) كذا في التلخيص، وفي (ز) و (م) تقرأ: "عمدا"، وهى ساقطة من (و) و (ك)، والغمر بالكسر هو: الحقد والضغينة. النهاية لابن الأثير (٣/ ٣٨٤).
(٢) في (و): "أقل".
(٣) في (و) و (ك): "أصبحوا"، وقال الزبيدي في تاج العروس (١٢/ ٢٨٧): "أصحروا: إذا برزوا إلى فضاء لَا يواريهم شيء".
(٤) إتحاف المهرة (١٣/ ٢٧٧ - ١٦٧٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>