للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآيات، كما نلحظ عليه أنه يعرض أحياناً لذكر القراءات، ولكن بقدر ما يوضح به المعنى، ولا يتوسع كما يتوسع غيره.

* *

* إقلاله من رواية الإسرائيليات:

ومن ناحية أخرى نجد أنه مُقِلٌ فى سرد الإسرائيليات، غير مُولع بذكرها، وإن ذكرها أحياناً فإنه لا يذكرها على سبيل الجزم بها، والقطع بصحتها، بل يُصَدِّر ذكر الرواية بقوله: روى، أو قيل، مما يُشعر بضعفها، وإن كان لا يُعَقَّب عليها بعد ذلك، ولعله يكتفى بهذه الإشارة.

فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٣٥] من سورة النمل: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المرسلون} يقول: رُوى أنها بعثت خمسمائة غلام عليهم ثياب الجوارى وحليهم الأساور والأطواق ... إلى آخر ما ذكره من القصة العجيبة الغريبة، ومع ذلك فلم يُعَقِّب عليها ولا بكلمة واحدة، ولعله اكتفى - كما قلت - بما يشير إليه لفظ "رُوى" من عدم صحة ما ذكره.

* *

* روايته عن بعض مَن اشتهر بالكذب:

كما نلاحظ عليه أنه يروى بعض القصص عن طريق الكلبى عن أبى صالح، فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [١٥] وما بعدها من سورة سبأ: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ} ... الآيات إلى آخر القصة، نجده يقول: وأصل قصتهم ما رواه الكلبى عن أبى صالح: أن عمرو بن عامر من أولاد سبأ، وبينهما أثنى عشر أباً، وهو الذى يقال له "مزيقيا بن ماء السماء"، أخبرته "طريفة" الكاهنة بخراب سد مأرب، وتغريق سيل العرم الجنَّتين.. ويمضى فى ذكر روايات أخرى عن رجال آخرين مع العلم أن الكلبى مُتَّهم بالكذب، فقد قال السيوطى فى خاتمة الدر المنثور ما نصه: "الكلبى اتهموه بالكذب وقد مرض فقال لأصحابه فى مرضه: كل شئ حدَّثتكم عن أبى صالح كذب" ولكن نجد أبا السعود، يخلص من تبعة هذه الروايات التى سردها بقوله أخيراً: "والله تعالى أعلم" وهذا يُشعر بأنه يشك فى صدقها وصحتها.

* *

* إقلاله من ذكر المسائل الفقهية:

كذلك نجد أبا السعود - رحمه الله - يتعرض فى تفسيره لبعض المسائل الفقهية، ولكنه مُقِلٌ جداً، ولا يكاد يدخل فى المناقشات الفقهية والأدلة المذهبية، بل نجده يسرد المذاهب فى الآية ولا يزيد على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>