وإذا نحن تتبعنا ما يرويه من الأحاديث فى فضائل السور لوجدناه قد وقع فيما وقع فيه كثير من المفسِّرين من الاغترار بما جاء من الأحاديث فى فضائل السور مسنداً إلى أُبَىّ وغيره، ومرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهى أحاديث موضوعة باتفاق أهل العلم.
كذلك لو تتبعنا هذا التفسير لوجدنا صاحبه يروى فى تفسيره من الأحاديث ما يشهد لمذهبه أو يتصل به، وهى أخبار نقرؤها ولا نكاد نرى عليها صبغة الصدق ورواء الحق.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٧] من سورة الرعد: {إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} .. نجد أنه يذكر من الروايات ما هو موضوع على ألسنة الشيعة، ثم يمر عليها بدون تعقيب منه، مما يدل على أنه يصدقها ويقول بها. فهو بعد أن ذكر أقوالاً أربعة فى معنى هذه الآية نقل عن ابن عباس أنه قال:"لما نزلت الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا المنذر وعلىّ الهادى من بعدى، يا علىّ، بك يهتدى المهتدون". ونقل بسنده إلى أبى بردة الأسلمى أنه قال: "دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطهور، وعنده علىّ ابن أبى طالب، فأخذ رسول الله بيد علىّ بعد ما تطهر فألزمها بصدره ثم قال:{إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ} ، ثم ردها إلى صدره، ثم قال:{وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} ، ثم قال: إنك منارة الأنام، وغاية الهدى، وأمير القرى، وأشهد علىّ ذلك أنك كذلك".
ومثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٢٣] من سورة الشورى: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة فِي القربى} .. نجده يذكر أقوالاً ثلاثة فى معنى هذه الآية:
أحدها: لا أسألكم على تبليغ الرسالة وتعليم الشريعة أجراً إلا التوادد والتحاب فيما يُقَرِّب إلى الله تعالى من العمل الصالح.
وثانيها: أن معناه: إلا أن تودونى فى قرابتى منكم وتحفظونى لها.
وثالثها: إلا أن تودوا قرابتى وتحفظونى فيهم ... وهنا يسوق من الروايات عن أهل البيت وغيرهم ما يصرِّح بأن الذين أمر الله بمودتهم: علىّ وفاطمة وولدهما، ويروى - فيما يروى - هذا الحديث الغريب الذى نقله من كتاب "شواهد التنزيل لقواعد التفضيل" مرفوعاً إلى أبى أُمامة الباهلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتَّى، وخُلقت أنا وعلىّ من شجرة واحدة، فأنا أصلها، وعلىّ فرعها، وفاطمة لقاحها، والحسن والحسين ثمارها، وأشياعنا أوراقها، فمَن تعلَّق بغصن من أغصانها نجا، ومَن زاغ عنها هوى، ولو أن عبداً عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالى، ثم لم يدرك محبتنا كبَّه الله على منخريه فى النار، ثم تلا:{قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة فِي القربى} .