رؤساء ضلالة، عنهم يأخذون، وإليهم يرجعون، وهم بآرائهم يجيبون، أو إلى كبرائهم يستندون، وربما يروون عن بعض أئمة الحق عليهم السلام فى جملة ما يروون عن رجالهم، ولكن يحسبونه من أمثالهم، فتباً لهم ولأدب الرواية، إذ ما رعوها حق الرعاية، نعوذ بالله من قوم حذفوا محكمات الكتاب، ونسوا الله رب الأرباب، وراموا غير باب الله أبواباً، واتخذوا من دون الله أرباباً، وفيهم أهل بيت نبيهم، وهم أزِّمة الحق، وسُنَّة الصدق، وشجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحى، وعَيْبة العلم، ومنار الهدى، والحجج على أهل الدنيا، خزائن أسرار الوحى والتنزيل، ومعادن جواهر العلم والتأويل، والأمناء على الحقائق، والخلفاء على الخلائق. أُولوا الأمر الذين أُمروا بطاعتهم، وأهل الذكر الذين أُمروا بمسألتهم، وأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطَهَّرهم تطهيراً، والراسخون فى العلم الذين عندهم القرآن كله تأويلاً وتفسيراً، ومع ذلك كله يحسبون أنهم مهتدون، إنا لله وإنا إليه راجعون. ولما أصبح الأمر كذلك وبقى العلم سخرياً هنالك، صار الناس كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب بإمامهم، فضربوا بعضه ببعض لترويج مرامهم، وحملوه على أهوائهم فى تفاسيرهم وكلامهم، والتفاسير التى صنَّفها العامة من هذا القبيل، فكيف يصح عليها التعويل، وكذلك التى صنَّفها متأخرو أصحابنا
فإنها أيضاً مستندة إلى رؤساء العامة وشذ ما تُقِل فيه حديث عن أهل العصمة عليهم السلام، وذلك لأنهم إنما نسجوا على منوالهم، واقتصروا فى الأكثر على أقوالهم، مع أن أكثر ما تكلم به هؤلاء وهؤلاء - فإنما تكلموا فى النحو، والصرف، والاشتقاق، واللُّغة، والقراءة، وأمثالها - مما يدور على القشور دون اللُّباب - فأين هم والمقصود من الكتاب؟ وإنما ورد على طائفة منهم ما قويت فيه منته، وترك ما لا معرفة له به مما قصرت عنه همته، ومنهم مَن أدخل فى التفسير ما لا يليق به، فبسط الكلام فى فروع الفقه وأُصوله، وطوَّل القول فى اختلاف الفقهاء. أو صرف همته فيه إلى المسائل الكلامية وذكر ما فيها من الآراء، وأما ما وصل إلينا مما ألَّفه قدماؤنا من أهل الحديث فغير تام، لأنه إما غير منته إلى آخر القرآن، وإما غير محيط بجميع الآيات المفتقرة إلى البيان، مع أن منه ما لم يثبت صحته عن المعصوم، لضعف رواته أو جهالة حالهم، ونكارة بعض مقالهم".. إلى أن قال: "وبالحرى أن يسمى هذا التفسير بالصافى، لصفائه عن كدروات آراء العامة والممل والمحير والمتنافى".
* *
* جُلّ القرآن نازل فى شأن آل البيت وأوليائهم وأعدائهم:
ويعتقد صاحبنا أن معظم القرآن إنما نزل فى شأن آل البيت وأوليائهم وأعدائهم،