للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفعال العباد:

يرى صاحبنا أن العبد يخلق أفعال نفسه، ويوافق برأيه هذا رأى المعتزلة القائلين بخلق العباد أفعال أنفسهم. ولهذا نراه يتأثر بهذه العقيدة فى تفسيره. فمثلاً عندما فسَّر قوله تعالى فى الآية [١٢٣] من سورة الأنعام: {وكذلك جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا} ... الآية، نراه يفر من نسبة هذا الجعل إلى الله تعالى فيقول: ".. والمعنى خليناهم وشأنهم ليمكروا ولم نكفهم عن المكر".

* *

* رؤية الله:

كذلك يوافق ملا محسن المعتزلة فى أن رؤية الله تعالى غير جائزة ولا واقعة، ولهذا نراه يتأوَّل آيات الرؤية كما تأوَّلها المعتزلة.

فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآيتين [٢٢، ٢٣] من سورة القيامة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .. يقول ما نصه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ} القُمِّى: أى مشرقة، {إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} قال: ينظرون إلى وجه الله أى إلى رحمته ونعمته. وفى العيون عن الرضا قال: يعنى مشرقة تنتظر ثواب ربها. وفى التوحيد والاحتجاج عن أمير المؤمنين فى حديث قال: ينتهى أولياء الله بعد ما يُفرغ من الحساب إلى نهر يسمى "الحيوان"، فيغتسلون فيه ويشربون منه فتبيض وجوههم إشراقاً، فيذهب عنهم كل قذى ووعث، ثم يُؤمرون بدخول الجنَّة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم، قال: فذلك قوله تعالى: {إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، وإنما نعنى بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى. وزاد فى الاحتجاج: والناظرة فى بعض اللغة هى المنتظرة، ألم تسمع إلى قوله: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المرسلون} [النمل: ٣٥] .. أى منتظرة".

* الشفاعة:

ويخالف المؤلف المعتزلة فى القول بالشفاعة فهو يرى أنها جائزة وواقعة يوم القيامة، وأهل البيت يشفعون للعصاة من شيعتهم، ولهذا عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٤٨] من سورة البقرة: {واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} ... الآية، نراه ينقل من تفسيره الإمام عن الصادق أنه قال: "هذا يوم الموت فإن الشفاعة والفداء لا يُغنى عنه، فأما القيامة فإنَّا وأهلنا نجزى عن شيعتنا كل جزاء، ليكونن على الأعراف بين الجنَّة والنار: محمد، وعلىّ، وفاطمة، والحسن، والحسين، والطيبون من آلهم، فنرى بعض شيعتنا فى تلك العرصات، فمَن كان منهم مُقصِّراً وفى بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان، والمقداد، وأبى ذر، وعمَّار، ونظرائهم فى العصر الذى يليهم، ثم فى كل عصر إلى يوم القيامة، فينقضوُّن عليهم كالبزاة والصقور، ويتناولونهم كما تتناول البزاة والصقور صيدها،

<<  <  ج: ص:  >  >>