كتب التفاسير والأخبار ومدارستها، ووفقنى الله تعالى لذلك، وقد كان يظهر لى فى بعض الأحيان من إشارات الكتب وتلويحات الأخبار لطائف ما كنت أجدها فى كتاب ولا أسمعها من خطاب، فأردت أن أُثبتها فى وريقات، وأجعلها نحو تفسير للكتاب، لتكون تذكرة لى ولإخوانى المؤمنين، وتنبيهاً لنفسى ولجملة الغافلين، راجياً من الله أن يجعلها لى ذخيرة ليوم الدين، ولسان صدق فى الآخرين وهو جدير بأن يسمى:"بيان السعادة فى مقدمات العبادة".
فأنت ترى أن المؤلف يقرر فى هذه العبارة أن تفسيره هذا عبارة عن مجموعة تلك الإشارات والتلويحات التى فتح الله بها عليه ولم يُسبق إليها، فلو أَنَّا جعلناه ضمن تفسير الصوفية لما كنا بعيدين عن وجهة الحق والصواب، ولكنا آثرنا أن نجعله ضمن تفاسير الإمامية الإثنا عشرية، لما فيه من اللَّون المذهبى والأثر الشيعى البالغ حد التطرف والغلو حتى فى ناحيته الصوفية والفلسفية. والكتاب مطبوع فى جزءين، وموجود بدار الكتب المصرية، آخره ما يدل على أن مؤلفه فرغ منه سنة ١٣١١هـ.
وأرى قبل كل شئ أن أسوق للقارئ الكريم أهم الآراء التى يقول بها المصنِّف ويجهر بها فى مقدمة تفسيره، ثم أعرض بعد هذا لتوضيح مسلكه الذى سلكه فى هذا التفسير بما أذكره ضمن النماذج المختلفة. وإليك أهم هذه الآراء:
* الإمامية الإثنا عشرية والمهدى المنتظر:
يدين صابحنا بأن علياًَ أول العترة، ووارث علم محمد صلى الله عليه وسلم، وبعده الأحد عشر من ولده، وأن الحادى عشر منهم غائب قائم منتظر لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يخرج ويملأ الأرض قِسْطاً وعدلاً، كما مُلئت ظلماً وجوراً، وأن هؤلاء الإثنا عشر أئمته وشفعاؤه يوم القيامة.
* *
* القرآن والعترة:
ويعتقد المؤلف أن القرآن دليل العترة، وأن العترة مبينون للقرآن، ويقول:"إن القرآن إمام صامت، والعترة إمام ناطق"، كما يقول: "إن محبة العالِم من العترة وتعظيمه، والنظر إليه، والجلوس عنده، واستماع قوله وسماعه، والتدبر فى أفعاله وأحواله وأخلاقه، والتفكر فى شئونه والتسليم له والمتشابهات ما منه، وتخلية بيت القلب لنزوله بملكوته فيه، بملاحظة أنه حبل الله الممدود إلى الناس من غير عناد منه من أعظم العبادات. كذلك تعظيم القرآن، والنظر فى سطوره، واستماع كلماته وسماعها، والتدبر فى عباراته، والتفكر فى إشاراته ولطائفه، وتخلية بيت القلب