الأرض، والسير على الماء والهواء، والدخول فى النار سالماً، وقلب الماهيات. ومنه طى الزمان، كما ورد فى الأخبار أنه قال المعصوم لمنافق: اخسأ فصار كلباً. وقال لآخر: أنت امرأة بين الرجال فصار امرأة. وأنكر آخر قلب الماهيات عند المعصوم، فسار إلى نهر ليغتسل فدخل الماء وارتمس فخرج ورأى نفسه امرأة على ساحل بحر قرب قرية منكورة، فدخلت القرية وتزوجت وعاشت مدة وولدت لها أولاد.. ثم خرجت لتغتسل فى البحر فدخلت الماء وارتمست فخرجت على ساحل النهر المعهود وهو رجل وإذا بثيابه موضوعة كما وضعها. فلبسها ودخل بيته وأهله غير شاعرين بغيبته لقصر الزمان، وأمثال ذلك رويت عن التابعين لهم على الصدق، وهذا من قبيل بسط الزمان إن كان وقوعه فى عالَم الملك، كما نقل أن امرأة وقع لها ذلك فأخبرت وأنكرها جماعة فأُتيت بأولادها بعد ذلك من بلدة بعيدة، مع أنه لم يمض فى بلدها قدر ساعة، أو من قبيل البسط فى الدهر من غير تصرف فى الزمان إن كان وقوعه فى الملكوت. وفوق البرزخ عالَم المثال، وله التصرف فى البرزخ والطبع. وفوقه عالَم النفوس الكليات المعبَّر عنها بـ {فالمدبرات أَمْراً}[النازعات: ٥] . وفوقه الأرواح المعبَّر عنها بـ {والصافات صَفَّا}[الصافات: ١] ، ويُعبَّر عنها فى لسان الإشراقيين بأرباب الأنواع وأرباب الطلَسمات. وفوقها العقول المعبَّر عنها بالمقرَّبين. وفوقها الكرسى وفوقه العرش، وهو سرير الملك المتعال، وهما بين الوجوب والإمكان لا واجبان ولا ممكنان، بل فوق الإمكان وتحت الوجوب. وكل من تلك العوالم له الإحاطة والتصرف والحكومة على جميع ما دونه، فإذا غلب واحد من تلك العوالم على ما دونه صار ما دونه بحكمه، وذهب عنه حكم نفسه.
ثم اعلم أن الإنسان مختصر من تلك العوالم، وله مراتب بإزاء تلك العوالم، وكل مرتبة عالية لها الحكومة على ما دونها من غير فرق، كما نشاهده من حكومة النفس على البدن والقوى، لكن تلك المراتب فى أكثر الناس بالقوة، وما بالفعل من النفس المجردة التى هى بإزاء عالَم النفوس ضعيفة غاية الضعف، بحيث لا يمكنها التصرف فى بدنها زائداً على ما جعله الله فى جبلتها، فكيف بغير بدنها؟ فإذا صار بعض تلك المراتب بالفعل كما فى أكثر الأنبياء والأولياء، أو جميعها كما فى خاتم الأنبياء وصاحبى الولاية الكلية، كان لهم التصرف فى أبدانهم بأى نحو شاءوا، وفى سائر أجزاء العالم، كما روى عن الأنبياء والأولياء من طى المكان والزمان، والسير على الماء والهواء، ودخول النار، وإحياء الموتى، وإماتة الأحياء، وقلب الماهيات، وغير ذلك مما لا يُنكر تمامها لكثرتها، وتواتر الأخبار بمجموعها وإن كان آحادها غير متواترة. وأما