للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسأل هذا السؤال؟ فقال: إن كليم الله علم أن الله منزَّه عن أن يُرى بالأبصار، ولكنه لما كلَّمه وقرَّبه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله كلَّمه وقرَّبه وناجاه، فقالوا: لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعته، وكان القوم سبعمائة ألف، فاختار منهم سبعين ألفاً، ثم اختار منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم سبعمائة، ثم اختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربه، فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم فى سفح الجبل، وصعد موسى إلى الطور وسأل ربه أن يُكلِّمه ويُسمعهم كلامه "وكلَّمه الله وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام - لا أن الله أحدثه فى الشجرة، ثم جعله منبعثاً منها - حتى سمعوه من جميع الوجوه. فقالوا: لن نؤمن بأن هذا الذى سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا، بعث الله عليه بصاعقة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم، فماتوا، فقال موسى: ما أقول لبنى إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا إنك ذهبت بهم فقتلتهم، لأنك لم تكن صادقاً فيما ادعيتَ من مناجاة الله إياك، فأحياهم وبعثهم. فقالوا: إنك لو سألت الله أن يُريك تنظر إليه لأجابك فتخبرنا كيف هو ونعرفه حق معرفته، فقال موسى: يا قوم؛ إن الله لا يُرى بالأبصار ولا كيفية له، وإنما يُعرف بآياته ويُعلم بأعلامه، فقالوا: لن نؤمن لك حتى تسأله، فقال موسى: يا ربِّ إنك قد سمعتَ مقالة بنى إسرائيل، وأنت أعلم بصلاحهم، فأوحى الله إليه: يا موسى؛ سلنى ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم، فعند ذلك قال موسى: {رَبِّ أرني أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ولاكن انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ} وهو يهوى، {فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تجلى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسى صَعِقاً فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ} يقول: رجعت إلى معرفتنى بك عن جهل قومى،

{وَأَنَاْ أَوَّلُ المؤمنين} [الأعراف: ١٤٣] منهم بأنك لا تُرّى".

وفى سورة القيامة عند قوله تعالى فى الآيتين [٢٢، ٢٣] : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} .. يقول: {إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} أى إلى ربها المضاف لظهور الولاية وصاحبها فى ذلك اليوم، أو إلى ربها المطلق لظهور آثاره، أى إلى آثاره ناظرة، أو منتظرة إلى ثواب ربها. روى عن أمير المؤمنين فى حديث: ينتهى أولياء الله بعد ما يُفرغ من الحساب إلى نهر يسمى "الحيوان" فيغتسلون فيه ويشربون منه فتبيض وجوههم إشراقاً، فيذهب كل قذى ووعث، ثم يُؤمرون بدخول الجنَّة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم قال: فذلك قوله تعالى: {إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، وإنما يعنى بالنظر إليه، النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى. وفى الخبر: والناظرة فى بعض اللُّغة هى المنتظرة، ألم تسمع إلى قوله: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المرسلون} [النمل: ٣٥] أى منتظرة".

* *

ومن المسائل التى يخالف فيها المعتزلة:

* السحر:

فهو يقول به ويعترف بحقيقته ويوضح لنا عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [١٠٢] من سورة البقرة: {واتبعوا مَا تَتْلُواْ الشياطين على مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ ولاكن الشياطين كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ الناس السحر} ... الآية، حقيقة السحر

<<  <  ج: ص:  >  >>