والمعوذتين، ولا نعرف له إنتاجاً فى التفسير أكثر من هذا، وهو إنتاج لا بأس به، وفيه تتجلى روح الأستاذ الإمام ممزوجة بروح تلميذه، فالمصادر هى المصادر، والهدف هو الهدف، والمنهج هو المنهج، والأفكار هى الأفكار، ولا فرق بين الرجلين إلا فيما هو قليل نادر.
* *
* مصادره فى التفسير:
أما مصادره فى التفسير فإنه كان يستعين ببعض آيات القرآن على فهم بعض آخر منه، خصوصاً إذا تكررت الآيات فى موضوع واحد، وكان يستعين أيضاً بما صح عنده من بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما جرى عليه سَلَف الأُمة من الصحابة والتابعين، وبأساليب لغة العرب وسنن الله فى خلقه، ومستعيناً بعد ذلك كله بعقله المتحرر من التقليد للمفسِّرين، إلا فيما يقتنع به من أقوالهم، وأقوال شيخه على الأخص، ويُحدِّثنا بعض تلاميذه:"أنه كان لا يراجع ما يكتب فى التفسير إلا بعد أن يكتب فهمه فى الآية، حذراً من تأثر أقوال المفسَّرين على نفسه، وإذا آتاه الله فهماً فى القرآن لم يُسبق إليه، أو لم يطلع عليه إلا بعد كتابته من عنده فإنه يتحدث إلى إخوانه شاكراً، وقد يقصه على أهل بيته مغتبطاً مسروراً".
* *
* هدفه من التفسير:
وأما هدفه فى التفسير فهو عَيْن ما يهدف إليه الأستاذ الإمام، فإذا كان الأستاذ الإمام يُصَرِّح بأن هدفه من التفسير هو "فهم الكاتب من حيث هو دين يرشد الناس إلى ما فيه سعادتهم فى حياتهم الدنيا وحياتهم الآخرة". فإن صاحبنا يُصَرِّح بمثل ذلك فى كثير من مواضع كتابه، فيقول بعد أن يوجه اللَّوم إلى مَن حشروا فى التفسير من قواعد العلوم، ومسائل الفنون، وموضوعات الحديث، وخرافات الإسرائيليات، ما يصرف الناس عن هداية القرآن، يقول:"إن حاجة الناس صارت شديدة إلى تفسير تتوجه العناية الأولى فيه إلى هداية القرآن على الوجه الذى يتفق مع الآيات الكريمة، المنزَّلة فى وصفه. وما أُنزِل لأجله، من الإنذار، والتبشير والهداية، والإصلاح".
يريد أنه سيعمل تفسيره على هذا النمط ليسد حاجة الناس، ويقول فى موضع آخر:"إن قصدنا من التفسير بيان معنى القرآن، وطرق الاهتداء به فى هذا الزمان".