وأما منهجه فيه فهو عَيْن ما نهجه الأستاذ الإمام، فلا تقيد بأقوال المفسِّرين، ولا تحكم للعقيدة فى نص القرآن، ولا خوض فى إسرائيليات، ولا تعيين لمبهمات، ولا تعلق بأحاديث موضوعة، ولا حشد لمباحث الفنون، ولا رجوع بالنص إلى اصطلاحات العلوم، بل شرح للآيات بأسلوب رائع، وكشف عن المعانى بعبارة سهلة مقبولة، وتوضيح لمشكلات القرآن، ودفاع عنه يرد ما أُثير حوله من شبهات، وبيان لهدايته، ودلالة إلى عظيم إرشاده، وتوقيف على حكم تشريعه، ومعالجة لأمراض المجتمع بناجع دوائه، وبيان لسنن الله فى خليقته.
ولكنَّا نجد الشيخ رشيد - رحمه الله - يحيد عن هذا المنهج بعض الشىء، وذلك بعد وفاة شيخه، واستقلاله بالعمل، ويُحدِّثنا هو بذلك فيقول:
"وإننى لما استقللت بالعمل بعد وفاته، خالفت منهجه - رحمه الله تعالى - بالتوسع فيما يتعلق بالآية من السُّنَّة الصحيحة، سواء أكان تفسيراً لها، أو فى حكمها، وفى تحقيق بعض المفردات، أو الجمل اللُّغوية، والمسائل الخلافية بين العلماء، وفى الإكثار من شواهد الآيات فى السور المختلفة، وفى بعض الاستطرادات لتحقيق مسائل تشتد حاجة المسلمين إلى تحقيقها، بما يثبتهم بهداية دينهم فى هذا العصر، أو يقوى حجتهم على خصومه من الكفار والمبتدعة، أو يحل بعض المشكلات التى أعيا حلها. بما يطمئن به القلب، وتسكن إليه النفس".
ويبدو لنا أن هذا التوسع الذى كان من الشيخ رشيد - خصوصاً فى المسائل الاجتماعية -، لم يدفعه إليه إلا كونه رجلاً "صحفياً" اتصل عن طريق مجلته بالناس على اختلاف منازعهم ومشاربهم، وفيهم المتدين، والملحد. والكافر، فأراد أن يتمشى بكتابته مع الجميع، فيثبت المتدين على دينه، ويرد الملحد عن إلحاده، ويكشف عن محاسن الإسلام، لعل الكافر أن يثوب إلى رشده ويرجع عن كفره.
* *
* آراؤه فى التفسير:
أما آراؤه فى التفسير فهى كآراء شيخه، تقوم على حرية واسعة فى الرأى واعتداد عظيم بالفهم، وثقة قوية بما عنده من العلم، وعدم تقيد ببعض المُسَلَّمات عند العلماء، ولهذا نجد له أفكاراً غريبة فى تفسير القرآن استقل ببعض منها، وقلَّد شيخه فى بعضها الآخر.