للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأَرض فأبَى وعَرض عليه أن يجعل لَهُ بطحاء مكة ذهبًا، فقال: (لَا في رب، ولكن أشْبَع تارةً، فإذا جُعْتُ: تَضَرَّعت إليك وذكرتك، وإذا شَبِعْت: حمدتك وشكَرْتُك" (١).

وكان كثير الذكر، دائم الفِكْر، ويحب الطِّيب والنساء، ويكره المُنْتِن والخَبِيث، ويمزح، لا يقُول إلَّا حقًا، ويقْبَل عُذْر المُعْتَذر، عِتَابه تَعْرِيضًا، ويأمر بالرفق وينهى عن العنف، ويحث على العفو، والصفح، ومكارم الأخلاق (٢) وكان مجلسه مجلس حلم، وحياء، وأمانة، وصيانة، وصبر، وسكينة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تُؤْبَن فيه الحُرُم (٣)، ولا يذكر فيه اللَّغَط (٤)، يتعاطفون فيه بالتقوى، ويتواضعون، ويوقَّر الكبار، وَيرحْم الصغار، وُيؤَثِر المحتاج، ويُكّرِم كَرِيمَ القوم، ويتفقد أصحابه. "لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صَخّابًا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح" (٥).


(١) أخرجه الترمذي في الزهد: ٤/ ٥٧٥، باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه، حديث (٢٣٤٧)، وأحمد في المسند: ٥/ ٢٥٤.
(٢) جاء ذلك في قوله تعالى سورة التوية: ١٢٨ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}. وقوله تعالى في سورة الأعراف: ١٩٩: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، وقوله تعالى في سورة المائدة: ١٣ {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وقوله عز وجل في سورة القلم: ٤ {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
(٣) أي: لا يُذْكَر فيه النساء بقبيح، فقد كان مَجْلِسُه يُصَان عن رفَث القَوْل.
يقال: أَبَنْتُ الرجل وأَبِنُه: إذا رميته بخلِّةِ سوءٍ، فهو مأبُونٌ. انظر: (النهاية لابن الأثير: ١/ ١٧، الغريبين للهروي: ١/ ١٠).
(٤) اللَّغط: هو الكلام الذي فيه اختلاط ولا يتبيَّن. (المصباح: ٢/ ٢١٨).
(٥) جاء هذا في الحديث الذي أخرجه الترمذي في البر والصلة: ٤/ ٣٦٩، باب ما جاء في خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث (٢٠١٦)، وأحمد في المسند: ٢/ ١٧٤ - ٣٢٨، ٦/ ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>