للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اسْتَدَلُّوا بِالآيَةِ: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} (١) قَالُوا: وَصَفَهُ بِشِدَّةِ الْحَالِ، وَالْإِلْزَاقِ بِالتُّرَابِ مِنَ الْبُؤْسِ وَالْفَاقَةِ.

قُلْنَا: لَمْ يَقْتَصِرْ مِنْهُ (٢) عَلَى اسْمِ الْمِسْكِينِ، حَتَّى قَرَنَهُ بِمَا دَلَّ عَلَى حَاجَةٍ (٣)، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ وُقُوعَ اسْمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِقَرِينَتِهِ.

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو عُبَيْدٍ مِنَ الْحَدِيثِ، وَمَا سَبَقَ مِنْ تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ جَوَابٌ عَنْهُ.

وَاحْتَجَّ الْقُتَيْبِيُّ (٤) فِي الْفَقِيرِ أَنَّهُ أَوْسَعُ حَالًا (٥) مِنَ الْمِسْكِينِ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:

أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ ... وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يُتْرَكْ لَهُ سَبَدُ (٦)

وَقَالُوا: الْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ حَلُوبَةٌ يَحْلُبُهَا، وَهِيَ قَدْرُ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيالِهِ، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ.

وَجَوَابُهُ أَنْ نَقُولَ: الْبَيْتُ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ وَفْقَ قُوتِ عِيَالِهِ قَبْلَ الْفَقْرِ، فَقَدْ صَارَ بِحَيْثُ لَا سَبَدَ لَهُ وَلَا لَبَدَ، ثُمَّ نَقُولُ:


(١) سورة البلد (آية: ١٦).
(٢) في المختصر: "فيه".
(٣) في المختصر: "شدة حاجته".
(٤) انظر غريب الحديث لابن قتيبة (١/ ١٩١).
(٥) في النسخ: "مالا"، والمثبت من المختصر.
(٦) البيت في طبقات فحول الشعراء (٢/ ٥١١)، وأدب الكاتب (ص ٣٠). والحلوبة: الناقة التي تُحلَب، ووفق العيال: أي قدر قوتهم، ولم يترك له سَبَد: أي لم يترك له شيء، وهذه الكلمة تستعمل في النفي إذا أُخبر عن الإنسان أنه لا يملك شيئًا قيل: ما له سَبَد ولا لَبَد، بمعنى ما له شيءٌ، والسبد من الشعر (أي شعر الماعز) واللبد من الصوف. وسيأتي شرح المصنف عقب البيت مباشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>