للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عيال» (١). وأصبح اسمه بمرور الأيام «صفة غير محضة» ــ إِنْ جاز هذا التعبير ــ على من برع في النحو؛ فيقال عنه «هو سيبويه عصره» (٢).

وكان ثقة صدوقا يتثبَّت من أحكامه قبل أَنْ يلقيها (٣)؛ فعندما سُئِل الأخفش سعيد بن مسعدة عن الثقة المأمون المقدم من أصحاب الخليل الذي يوثق بعلمه قال: «النَّضْر بن شُمَيْل، وسيبويه، ومُؤَرِّج السَّدُوسي» (٤).

o كتاب سيبويه:

لا يجوز أَنْ يكون هناك حديث عن سيبويه ولا يُتَصَوَّرُ أَنْ يكون هناك حديث يصاحب ذلك عن مُؤَلَّفِهِ «الكتاب» وخاصة أَنَّ عليه المُعْتَمَد في دراستنا هنا. هذا المُؤَلَّفُ الذي استوعب أصول علم النحو، وأحاط بفروعه أو كاد، لم يُصَنَّف في بابه أجمع منه، ولا أرصف تعبيرا، ولا أمتن سردا.

• وقت تأليفه:

من المهم أَنْ نقف على وقت تأليف الكتاب؛ لأَنَّ لذلك قيمة علمِيَّة؛ فليس ما يكتبه العلماء في الشَّبِيبَة والحداثة مثل ما يكتبونه في مختتم أعمارهم.

ولا نجد أَيَّةَ إشارة تعيننا على تحديد وقت مُحَدَّد لتأليف الكتاب. ولكن من خلال التأمُّل في نصوص الكتاب نفسه، وما ضممتُه إليها من بعض المعلومات التاريخِيَّة من كتب التراجم يمكن أَنْ نستنبط أَنَّهُ كتبه في أواخر حياته، أو على الأَقَلّ في آخر خمس سنوات منها (٥).


(١) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ٣/ ٤٦٣
(٢) ينظر مثلا ترجمة ابن الدهان في وفيات الأعيان ٢/ ٣٨٢، انباه الرواة ٢/ ٥١
(٣) القفطي: إنباه الرواة على أنباه النُّحَاة، ٢/ ٣٥٢، وهذا ما سيظهر إِنْ شاء الله عند مناقشة منهج سيبويه في كتابه.
(٤) ابن خلكان: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ٣/ ٣٠٤، والنَّضْر بن شُمَيْل ((١٢٢ ــ ٢٠٣ هـ = ٧٤٠ ــ ٨١٩ م))، وهو: ((النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد المازني التميمي، أبو الحسن: أحد الأعلام بمعرفة أيام العرب ورواية الحديث وفقه اللُّغَة. ولد بمرو، من بلاد خراسان، وانتقل إلى البصرة مع أبيه ... واتصل بالمأمون العباسي فأكرمه وقربه. وتوفي بمرو. من كتبه: الصفات، كبير، في صفات الإنسان والبيوت والجبال والإبل والغنم والطير والكواكب والزروع)). الأعلام، ٨/ ٣٣، مُؤرِّج بن عمرو: هو ((مؤرج بن عمرو السدوسي، كان عالمًا بالعَرَبِيَّة، إمامًا في النحويين، وتوفي سنة خمس وتسعين ومئة)). الزبيدي: طبقات النحويين واللغويّين، ص ٧٥
(٥) ودليل ذلك أَنَّ سيبويه: ((سافر إلى بغداد بعد أنْ أتم كتابه في أيام الرشيد بعد وفاة الخليل ١٧٥ هـ، والرشيد تولى الخلافة سنة ١٧٠ هـ، وسيبويه توفي عام ١٨٠ هـ بعد زيارته تلك)). ومما يدعم هذا الاستنباط قول الأزهري:
((كان سيبويه علامةَ حسن التصنيف ... وما علمت أحدًا سمع منه كتابه هذا)) [بغية الوعاة: ٢/ ٢٢٩]، وأن = = يُونُس وهو من شيوخه لم يعلم نبأ الكتاب إلا عرضا وبعد وفاته [سبيويه إمام النُّحَاة، ص ١٢٨]؛ فلو كانت هناك فسحة من الوقت والعمر عند سيبويه لكان قرأه وقرئ عليه.

<<  <   >  >>