للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٦٨٤ هـ) مثلا يقول: «وأما النكرة في سياق النفي فهي من العجائب في إطلاق العلماء من النحاة والأصوليين يقولون النكرة في سياق النفي تعم، وأكثر هذا الإطلاق باطل») (١).

***

[٣ ــ أسلوب التفضيل]

ناقش سيبويه أسلوب التفضيل في الجملة «هذا بسرًا أطيب منه رُطَبًا»، وقال في أثناء المناقشة لهذه الجملة: «فإنْ شئت جعلته حينًا قد مضى، وإن شئت جعلته حينا مستقبلا») (٢).

ويقصد أَنَّهُ يجوز: «أَنْ يكون الزمان الذي فضل فيه ماضيا وأنْ يكون مستقبلا») (٣).

إن سيبويه يربط بين هذه الجملة التي تحتوي على أسلوب تفضيل وبين الزمن الماضي أو المستقبل. والجملة لا تعطي زمان التفضيل الذي أشار إليه سيبويه بنفسها؛ فلا بد إذن من قرينة سياق الحال التي تمكننا من تحديد زمن التفضيل. هذه القرينة يوضحها السيرافي قائلا: «فإذا قلت: هذا بسرا أطيب منه تمرا، وكانت الإشارة إليه في حال ما هو تمر أو رطب فالتفضيل لما

مضى») (٤) أي أَنَّ المُتَكَلِّم إذا قال الجملة والتمر قد أصبح تمرا ناضجا؛ فالتفضيل لا شك أَنَّهُ لما مضى، وإذا كانت الإشارة للتمر في بداية نموه فَإِنَّ الزمن لا شك في المستقبل. ولا نجد مثالا كهذا وضوحا في أهمِيَّة السِّياق في التحليل الزمني للجملة.

ونلاحظ أَنَّ سيبويه يوجُّه إعراب «بسرا وتمرا» على الحال، فهما حالان من المشار إليه في زمنين. ويعلل ابن القيم في بدائع الفوائد اختيار سيبويه للنصب على الحال بقوله: «؛ لأَنَّ المعنى عليه فَإِنَّ المخبر إِنَّمَا يفضِّله على نفسه باعتبار حالين من أحواله [و] لولا ذلك لما صحَّ تفضيل الشيء على نفسه؛ فالتفضيل إِنَّمَا صح باعتبار الحالين فيه») (٥). فابن القيم يعتبر «هيئة التمر» في التفضيل وأنَّ الجملة برمتها تعتمد على الهيئة؛ وهيئة التمر أمر لا يخص اللُّغَة لا من بعيد أو من قريب.

ويشير سيبويه إلى فرق دلالي دقيق بين قول من يقول «ما أبغضني له» وبين «ما أبغضه

إلي»، فيقول: «ما أبغضني له، وما أمقتني له، وما أشهاني لذلك. إِنَّمَا تريد أَنَّكَ ماقتٌ، وأنَّك


(١) شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول، دار الفكر، ٢٠٠٤ م، ص ١٤٣
(٢) سيبويه: الكتاب، ١/ ٤٠٠
(٣) السيرافي: شرح كتاب سيبويه، ٢/ ٢٨٩
(٤) السيرافي: شرح كتاب سيبويه، ٢/ ٢٨٩
(٥) بدائع الفوائد: ٢/ ١١٩

<<  <   >  >>