للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا بد عند استبعاد دلالة الهيئة من هذا الوزن استحضار السِّياق واللجوء إليه، فعليه المعول في هذا، وسيبويه وإن لم يشر إلى دور السِّياق في تحديد هذه الدِّلَالَة فهو مفهوم ضمنا.

ومن النتائج التي خرج بها سيبويه من خلال المنهج الذي اتبعه في كتابه أَنَّ المصدر قد يأتي في بعض الأحيان دالا على الكثرة. يقول في باب «ما جاء من المصادر وفيه ألف التأنيث»:

«وأما الفِعِّيلَي فتجيء على وجهٍ آخر تقول: كان بينهم رِمِّيَّا، فليس يريد قوله: رميا، ولَكِنَّه يريد ما كان بينهم من الترامي وكثرة الرمي، ولا يكون الرِّمِّيَّا واحدًا. وكذلك الحِجِّيزَي. وأما الحِثِّيثَي فكثرة الحث كما أَنَّ الرِّمِّيَّا كثرة الرمي، ولا يكون من واحد. وأما الدِلِّيلَي فَإِنَّما يراد به كثرة علمه بالدِّلَالَة ورسوخه فيها. وكذلك القِتِّيتَي، والهِجِّيرَي: كثرة الكلام والقول بالشيء. والخِلِّيفَي: كثرة تشاغله بالخلافة وامتداد أيامه فيها» (١).

فالمصدر «الفِعِّيلَي» من خلال تتَبُّعه في النصوص المختلفة دلَّ عنده على الكثرة.

ومن خلال منهجه التتَبُّعي للألفاظ في سياقاتها يرصد دلالة لازمة لبعض المصادر. فيقول: «ومما جرى مجرى الدعاء مما هو تطلُّقٌ عند طلب الحاجة وبشاشة، نحو كرامة ومسرة ونُعمةَ

عين» (٢)

***

[ح - سياق الحال ودلالة المشتقات]

١ ــ اسم الفاعل:

من الجوانب التي يتصل فيها سياق الحال باسم الفاعل العامل تحديده لدلالته الزَّمَنِيَّة: الحالِيَّة أو المستقبلِيَّة. فتحديد هذه الدِّلَالَة يتوقَّف عليه. يقول: «من ذلك: مررتُ برجلٍ ضاربك، فهو نعت على أَنَّهُ سيَضربه ... ، وذلك قولُك: مررتُ برجلٍ ضاربه رجل؛ فإنْ شئت حملتَه على أَنَّهُ سيفَعل، وإن شئتَ على أنَّك مررت به وهو فى حالِ عملٍ، وذلك قوله عزّ وجلّ: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}») (٣). ويقول السيرافي شارحا العبارة السابقة: «والنكرات ينعت بها، نحو: مررت برجل ضاربه رجل؛ فهو بمعنى يضربه في الحال أو تعني سيضرب») (٤).


(١) سيبويه: الكتاب، ٤/ ٤١
(٢) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٣٠٢
(٣) سيبويه: الكتاب، ١/ ٤٢٥
(٤) سيبويه: الكتاب، ١/ ٤٢٥ الحاشية ذات الرَّقْم ١

<<  <   >  >>