للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها للدلالة على المعنى، فإذا فُهم المعنى بدون اللفظ، جاز أن لا تأتي به، ويكون مرادا حكما وتقديرًا. وقد جاء ذلك مَجيئا صالحا، فحذفوا المبتدأ مرة، والخبر أخرى، فممّا حُذف فيه المبتدأ قول المستهِلّ: «الهِلالُ والله» أي: هذا الهلالُ والله، ... ومثله إذا شممتَ ريحا طيِّبة قلت:

«المِسكُ والله» أي: هو المسك والله، أو هذا المسك، وكذلك لو رأيت صورة شخص فصار آية لك على معرفة ذلك الشخص، فإذا رأيته بعد قلت: «عبدُ الله وربِّي»، كأنَّك قلت: «ذاك عبد الله»،

أو «هذا عبد الله»، وكذلك لو حدثت عن شمائل رجل، ووصف بصفات مثل: مررت برجل راحم المساكين بار بوالديه، فعرف بتلك الأوصاف، فقلت: زيد والله، أي: هو زيد، أو المذكور زيد») (١).

• قرينة السِّياق والحال النَّحْوِيّ:

تتعدد الاعتبارات التي يمكن أَنْ تُقَسَّمَ الحالُ إليها تعددًا ملحوظًا، من هذه الاعتبارات التي يمكن أَنْ تُقسم إليها: «الاشتقاق والجمود، المعنى، اللزوم والانتقال، التعيين، تحقُّق معناها لصاحبها، الزمن، الإفراد، التعدد».

وممّا سوَّغ الحديث هنا عن الحال النَّحْوِيّ مع الجملة الاسمِيَّة أَنَّه في بعض التقسيمات السابقة تأتي فيها الحال خالصة للجملة الاسمِيَّة، وفي بعضها قد تأتي في جملة اسمية أو فعلية؛ لذلك آثرنا أَنْ نناقش المواضع التي رأينا فيها تأثيرا للسياق على الحال النَّحْوِيّ هنا.

وبداية نقول لقد اتَّفق العلماء على تعريف الحال؛ فقالوا إِنَّهُ: «فضلةٌ دالَّة على هيئة صاحبه») (٢). أو هي: «وصف أو ما قام مقامه، فضلة مسوق لبيان الهيئة، أو للتوكيد») (٣).

ومن العلماء من ربط بين الهيئة والحال بعلاقة تلازمية، فقال: «كلُّ ما دَلَّ على هيئة صحَّ أَنْ يقع حالا») (٤). ولا بدَّ أنَّ الهيئة «صفة غير لازمة»، قال ابن السراج: «والحال إنَّما هي هيئة الفاعل أو المفعول أو صفته في وقت ذلك الفعل المخبر به عنه، ولا يجوز أن تكون تلك الصفة إلا صفةً متصفة غير ملازمة. ولا يجوز أن تكون خلقة، لا يجوز أن تقول: جاءني زيد أحمر، ولاأخوك ولا جاءني عمرو طويلًا، فإن قلت: متطاولًا أو متحاولًا، جاز؛ لأنَّ ذلك شيء يفعله وليس بخلقة») (٥).


(١) شرح المفصل، ١/ ٢٣٩
(٢) السيوطي: همع الهوامع، ت: عبد العال سالم مكرم، دار البحوث العلمية، الكويت، ١٩٧٠ م، ٤/ ٧
(٣) د. فاضل السامرائي: معاني النحو، ٢/ ٢٧٧
(٤) ابن الحاجب: الكافية في علم النحو، ص ٢٤
(٥) الأصول في النحو، ا/٢١٤

<<  <   >  >>