للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- المبحث الثاني: خطوات إجرائِيَّة ومنهجِيَّة قبل التقيعد النَّحْوِيّ والتوجيه الإعرابِيّ عند سيبويه:

لمعرفة دور سياق الحال في التوجيه الإعرابِيّ والتَّقْعِيد النَّحْوِيّ عند سيبويه يجب معرفة

«آليات» عَمَلِيَّة التَّقْعِيد عنده من ألفها إلى يائها، ومعرفة الخطوات والإجراءات التي سلكها ليُقِرَّ قاعدة أو يذكر توجيها؛ وذلك بغرض تحقيق الدقَّة والأصالة.

وتأكَّد لدى الباحث أهمِيَّة الحديث عن المنهج عند سيبويه عند الشروع في جمع المادة العلميَّة المتعلِّقة بالتَّقْعِيد والتوجيه النَّحْوِيّين. فلقد وجد أَنَّه لكي يتمكَّنَ من تفسير بعض المسائل التي تتَعَلَّق بالتَّقْعِيد والتوجيه عنده وعلاقتها بقرينة السِّياق كان لا بدَّ أَنْ يرجع لطريقته ومنهجه في تقعيده وتوجيهه وما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب؛ لذلك كان لزاما علينا أَنْ نخصِّص جزءا من البحث للحديث عن منهج سيبويه في تقعيده النَّحْوِيّ) (١).

وهذه الآليات هي:

١ ــ تصنيف اللُّغَة إلى تراكيب نمطِيَّة مُجَرَّدة:

في بداية الكتاب يعقد سيبويه بابا بعنوان «هذا باب مجاري أواخر الكلم من العربِيَّة» يورد فيه النَّصّ الآتي:

«ويُبَيِّنُ لك أَنَّها) يعني الأفعال المضارعة (ليست بأسماء أَنَّكَ لو وضعتها مواضع الأسماء لم يجز ذلك؛ ألا ترى أَنَّكَ لو قلت: إنَّ يضرب يأتينا، وأشباه هذا لم يكن كلاما» (٢).

واستوقفت الباحث هذه الجملةُ: «أَنَّكَ لو وضعتها مواضع الأسماء لم يجز ذلك»؛ وأثارت عندي ملحوظتين:


(١) وهنا نشير إشارة مُهِمَّة وعامة مؤداها أن اكتشاف مناهج العلماء في مؤلفاتهم العلمِيَّة أمر له قيمته العلمِيَّة الجليلة إذ إِنَّ الكشف عن هذه المناهج لدى مفكري الإسلام تعتبر ((أفضل مدخل للتراث الإسلامي في جملته؛ فهو الذي يوضح الخطوات القياسِيَّة أو الاستقرائية التي اتبعها المفكرون والعلماء المسلمون في مختلف أوجه النشاط التي مارسوها)). [يُنظر: د. حامد طاهر: الفلسفة الإسلامية مدخل وقضايا، ) بدون أَيَّة بيانات أخرى (، ص ٣٧]، وقد نبَّه على أهمِيَّة اكتشاف مناهج العلماء أستاذنا العلامة الشيخ محمود محمد شاكر، في كتابه المهم: رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، ص ١٥ وما بعدها. [ينظر طبعة خاصة بالرسالة صادرة عن الهيئة المصريَّة العامة للكتاب، مكتبة الأسرة، ١٩٩٧ م]
(٢) سيبويه: الكتاب، ١/ ١٤

<<  <   >  >>