للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(والتأخير فيما يكون ظرفا أو يكون اسمًا في العناية والاهتمام، مثله فيما ذكرت لك في باب الفاعل والمفعول») (١).

إن نصوص سيبويه في هذه الجزئيَّة تعطينا الحق أَنْ نقول إِنَّ تقديم أي عنصر من الجملة الفعلِيَّة أو الاسمِيَّة قابل للتقديم على عنصر آخر، مرتبط باهتمام المُتَكَلِّم وعنايته، وهذا بدوره مرتبط بسياق الحال.

- السِّياق وإعمال اسم الفاعل عمل الفعل:

مما يتصل بالجملة الفعلِيَّة ويمكن أَنْ يناقش في إطارها إعمال اسم الفاعل عمل الفعل، ودور سياق الحال في هذا الإعمال.

وفي البداية نوضح أَنَّ من الشروط التي وضعها النُّحَاة لإعمال اسم الفاعل عمل الفعل ونصب المفعول به أَنْ يكون اسم الفاعل «بمعنى الحال أو الاستقبال، أو الاستمرار المتجدد»، وأنَّ اسم الفاعل لا يدل بنفسه على زمن مُعَيَّن، وأنَّه يدل على «معنى مجرد حادث؛ أي عارض، يطرأ ويزول؛ فليس له صفة الثبوت والدوام») (٢).

وعندما يشترط النُّحَاة أَنْ يدل اسم الفاعل على الحال أو الاستقبال؛ فلا بدَّ أَنْ تكونَ هذه الدِّلَالَة من «جملة» توجد في «سياق مُعَيَّن». فالسِّياق إذن مُهِمّ لتحديد معنى الجملة، وتحديد معنى الجملة مُهِمّ لإعمال اسم الفاعل أو إهماله.

وقد أشار سيبويه) (٣) إلى عمل اسم الفاعل عمل الفعل، وذكر الأمثلة التالية:

أهذا ضاربٌ زيدًا غدًا.

ب هذا ضاربٌ عبدَ الله الساعة.

ت كان زيدٌ ضاربا أباك.

ويفهم من الأمثلة أَنَّهُ يشترط الدِّلَالَة الزَّمَنِيَّة المستقبلِيَّة أو الحالِيَّة في الجملة بدليل ذكره في المثال الأول والثاني لكلمتي «غدًا، الساعة».

ولم يشر سيبويه مع هذه الأمثلة صراحة إلى دور السِّياق في تحديد الدِّلَالَة الزَّمَنِيَّة لَكِنَّه أشار إليها ضمنا وبذكاء من خلال المثال الثالث، لقد أعمل سيبويه اسم الفاعل «ضاربا» بدليل نصب


(١) سيبويه: الكتاب، ١/ ٥٦، ومن المواضع التي نبه فيها على العناية والاهتمام وأثرهما على التقديم والتأخير الموضع: ٢/ ١٤٣ في باب ما يحسن عليه السكوت من هذه الأحرف الخمسة. والمواضع: ١/ ٤٢، ١/ ٤٥، ١/ ٤٧، ١/ ٥٦، ١/ ٨٠ ــ ٨١
(٢) عباس حسن: النحو الوافي، ٣/ ٢٣٨ و ٢٤٧
(٣) الكتاب، ١/ ١٦٤

<<  <   >  >>