للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٦ ــ أسلوب الاستثناء]

الاستثناء يراد به: «الإخراج بإلا أو إحدى أخواتها لما كان داخلًا أو منزلًا منزلة الداخل ... وما كان داخلًا يشمل الداخل حقيقة والداخل تقديرًا وهو المفرغ») (١).

ونقل سيبويه عن الخليل حد الاستثناء المنفي؛ فقال: «الاستثناء إِنَّمَا حده أَنْ تَدارَكَه بعد ما تنفى فتُبدِله») (٢). ويأتي أسلوب الاستثناء المنفي «لما ينكره المخاطب، كأنْ تقول: (( ... ما ضربه إلا قاسم)) إذا كان المخاطب يُنكر أن يكون الضارب قاسما») (٣).

ولأسلوب الاستثناء المنفي وظيفة دلالية أخرى غير دفع الإنكار الذي يبدو على المخاطب وهي «دلالة التعميم»، يقول سيبويه عند مناقشته للجملة القائلة «ما مررت بأحد إلا زيدٌ خير منه» يقول: «ما مررتُ بأحد إلا زيدٌ خيرٌ منه، كَأَنَّك قلت: مررت بقوم زيدٌ خيرٌ منهم، إلا أَنَّكَ أدخلت إلَّا لتجعل زيدا خيرا من جميع من مررتَ به. ولو قال: مررتُ بناس زيدٌ خيرٌ منهم، لجاز أَنْ يكون قد مرَّ بناس آخرين هم خيرٌ من زيد، فَإِنَّما قال: ما مررتُ بأحدٍ إلا زيدٌ خيرٌ منه ليخبر أَنَّهُ لم يمر بأحدٍ يفضل زيدا») (٤).

في هذا النَّصّ لدينا جملتان:

أمررت بناس زيدٌ خيرٌ منهم.

ب ما مررت بأحد إلا زيدٌ خيرٌ منه.

الجملة الأولى تعني: أنني مررت بناس يجوز أَنْ يكون زيد خيرهم، ويجوز أَنْ أكون قد مررت بناس آخرين هم خير من زيد. والثانية: تعني أَنَّ زيدا خير من مررت به على الإطلاق؛ أي أَنَّ الجملة الثانية أفادت دفع الإنكار والتعميم وذلك من خلال استخدام أداة الاستثناء إلا. قال ابن يعيش: «وتقول في الصفة: ((ما مررت بأحدٍ إلا زيدٌ خيرٌ منه) فقولك: ((زيدٌ خيرٌ منه)) ... جملة من مبتدأ وخبر في موضع مخفوض، نعت لـ ((أحدٍ) كأنك قلت: ((مررت بقوم زيدٌ خيرٌ منهم))، وأفادت

((إلا)) انتفاء مرورك بغير من هذه صفتهم») (٥).


(١) حاشية الصبان: ٢/ ٢٠٨
(٢) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٣٣٥
(٣) د. فاضل السامرائي: معاني النحو، ٢/ ٢٥٠
(٤) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٣٤٢
(٥) شرح المفصل: ت: إميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط ١، ) ٢٠٠١ م (، ٢/ ٧٩

<<  <   >  >>