للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المقدمة]

الحمد لله كثيرا، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت. اللهم إنِّي أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن دعاء لا يُسمع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبيِّنا ومصطفانا محمدٍ ــ صلى الله عليه وسلم ــ في الأوَّلين والآخرين، وصلِّ اللهم عليه في كل وقت وحين.

يُعَدُّ علم النحو من أهم العلوم اللُّغَوِيَّة في العربِيَّة، فهو عَصَبُها، وركنها الرَّكين، وله في خدمة العربِيَّة القِدْحُ المُعَلَّى، والقدمُ الأولى، وهو من الفضل عليها بأعلى مناط العِقدِ. وقد كان على مرِّ الأزمان أحد خطوط الدفاع الأولى التي حَمَتِ العربِيَّة، وحافظت عليها على مدار الأعوام والسنين؛ فَسَلِمَت الأجيالُ للإعراب، وتَقَوَّمَت الألسن من هُجْنَة اللحن وخطأ القول. إِنَّه العلم الذي زاد عن حياضِ العربية الجهلاءَ أعداءَ اللهِ والدِّين؛ فكانت به عزيزة الجانب، منيعة الحَوْزَة حصينة الناحية.

وقد أحببنا علم النحو، وأحببنا دراسته، وأخذ الشغفُ به بمجامع قلوبنا، منذ أَنْ قَدَّرَ الله أَنْ نلتقي بأساتذة أجلَّاء غرسوا فينا هذا الحبَّ، وكشفوا لنا عن علاقته بكتاب الله وسُنَّةِ نبِيِّه ــ صلى الله عليه وسلم ــ. وزاد هذا الحبُّ وتعمَّق فينا أكثر وأكثر عندما أوقفنا أسلافُ أُمَّتِنا على فضله، فقالوا:

- قال الخليل: «النحو للسان بمنزلة الطعام للأبدان») (١).

- وقال الزُّهْرِيُّ: «ما أحدث الناسُ مروءةً أحبَّ إليَّ من طلب النحو») (٢).

- وقال حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: «من يطلب الحديث ولا يعرف النحو، مثل الحمار عليه مخلاة ليس فيها شعير») (٣).


(١) أبو حيان التوحيدي: البصائر والذخائر، ت: وداد القاضي، دار صادر، بيروت، ط ١، ) ١٩٨٨ م (، ٣/ ١٢٥
(٢) أبو حيان التوحيدي: البصائر والذخائر، ٦/ ١٨٩، والزُّهْريُّ ((٥٨ ــ ١٢٤ هـ)) هو: محمد بن مسلم بن عبد الله ابن شِهَاب الزهري، من بني زهرة بن كلاب، من قريش، أبو بكر. أول من دوَّن الحديث، وأحد أكابر الحفاظ والفقهاء. تابعي، من أهل المدينة. كان يحفظ ألفين ومئتي حديث، نصفها مسند. ينظر: الزركلي: الأعلام، ٧/ ٩٧
(٣) ياقوت الحموي: معجم الأدباء، ت: إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط ١، ) ١٩٩٣ م (، ٣/ ١١٩٩ وحماد بن سلمة بن دينار البصري الرّبعي بالولاء، أبو سلمة: مفتي البصرة، وأحد رجال الحديث، ومن النُّحَاة. كان حافظا ثقة مأمونا ... ونقل الذهبي: كان حماد إماما في العَرَبِيَّة، فقيها، فصيحا مفوَّهًا، شديدًا على المبتدعة، له تآليف. ينظر: الأعلام: ٢/ ٢٧٢

<<  <   >  >>