للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَل أَنتَ باعِثُ دينارٍ لِحاجَتِنا ... أَو عَبدَ رَبٍّ أَخا عَونِ بنِ مِخراقِ [بحر البسيط]

«فإذا أخبر أَنَّ الفعل قد وقع وانقطع فهو بغير تنوين ألبتة») (١).

- نواصب الفعل المضارع:

مما يتصل بالجملة الفعلِيَّة ويتَأَثَّر بسياق الحال نواصب الفعل المضارع، وفيما يلي أهم الأدوات التي تتَأَثَّر به.

» فاء السببية:

من أدوات نصب الفعل المضارع فاءُ السببية، ويشترط النُّحَاة لهذا النصب أَنْ تسبق بنفي محض أو طلب محض. والجانب الذي يرتبط بفاء السببية ويتصل بسياق الحال هو المعنى الدِّلَالِيّ للجملة الفعلِيَّة التي تقع بعد فاء السببية، وسبب نصب الفعل المضارع في بدايتها.

ففي مثل قولنا: «ما تأتيني فتحدثَني» يذكر سيبويه وجهين من المعاني للفعل المضارع بعد الفاء هنا:

• الأول: «ما تأتيني فكيف تحدثُني؛ أي: لو أتيتَني لحدَّثتني») (٢).

• والثاني: «فما تأتيني أبدًا إلا لم تحدثني؛ أي: منك إتيانٌ كثيرٌ، ولا حديث منك») (٣).

المعنيان في الجملة «ما تأتيني فتحدثَني» كما نفهم من كلام سيبويه:

• أنت أيها المخاطب لم تأتني أصلا فكيف تحدثني.) عدم الإتيان سبب الحديث (.

• منك أيها المخاطب إتيان كثير ولكن لا حديث معك في كل مَرَّة.

والمعنيان كما هو ظاهر بعيدان عن بعضهما ومختلفان، والفيصل في تحديد دلالة هذه الجملة هو لسياق الحال ولا شك. والمعنيان لا محالة من المعاني التي وقف عليها سيبويه من خلال التتبع السياقي لهذا التركيب.

قال المبرِّد: «تقول: ما تأتيني فتحدِّثَني. فالنصب يشتمل على معنيين يجمعهما أنَّ الثاني مخالف للأوَّل. فأحد المعنيين: ما تأتيني إلا لم تحدِّثني؛ أي قد يكون منك إتيان ولكن لست


(١) سيبويه: الكتاب، ١/ ١٧١، وكلامنا هنا رد آخر على دعاة العامية ومن يطالبون بتسكين أواخر الكلمات
(٢) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٣٠
(٣) السابق: ٣/ ٣٠

<<  <   >  >>