للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بداية معنى جديد. ولا شك أَنَّ الأداء النطقي للجملة يختلف في الحالتين باختلاف السِّياق الذي تقال فيه.

ث يفسِّرُ بالسِّياق مَرْجِعِيَّة الضمير:

الفاعل جزء أساسي في جملته، ولا تستغني الجملة عنه لتكملة معناها الأصيل؛ فلا بد أَنْ يذكر، ويكون بالاسم الظاهر، نحو: «قام زيد»، أو بضمير مستتر راجع إما لمذكور كـ «زيد قام»، أو لما «دَلَّ عليه الفعل أو لما دَلَّ عليه الكلام أو الحال المشاهد؛ بأن تكون هنالك قرينة تُعْرَف من السِّياق أو الحال الواقعة») (١).

وإلى هذا أشار سيبويه قائلا «وإن شئت قلت: إذا كان غدًا فأتني ــ وهي لغة بني تميم ــ والمعنى: أَنَّه لقي رجلا؛ فقال له: إذا كان ما نحن عليه من السلامة، أو كان ما نحن عليه من البلاء في غدٍ فأتني، ولَكِنَّهم أضمروا استخفافا لكثرة كان في كلامهم؛ لأَنَّ الأصل لما مضى، وما سيقع ... وإنَّما أضمرُوا ما كان يقَع مُظهَرًا استخفافًا، ولأنّ المخاطَب يعلم ما يعنى») (٢).

أورد سيبويه المثال «إذا كان غدًا فأتني» محذوف الضمير، والتقدير: «إذا كان غدا فأتني؛ أي: إذا كان هو) أي ما نحن عليه من سلامة (غدا فأتني».

إن سيبويه يشير إلى أَنَّ مَرْجِعِيَّة الضمير المستتر في الفعل كان تعود على سياق الحال الواقع فيه المُتَكَلِّم والمخاطب. ولتوضيح ذلك يرسم موقفا ومسرحا لغويا فيه المتكلم لقي رجلا، فقال له كذا وكذا) (٣).

ويتفق النحاة مع ما ذهب إليه سيبويه على أنَّ السياق يمثل أحيانا مرجعية الضمير، جاء في شرح التصريح للشيخ خالد الأزهري عند الحديث عن الحكم الثالث من أحكام الفاعل وأنَّه قد يأتي ضميرًا دالًّا عليه الحال فقال: « ... أو راجع)؛ أي ضمير الفاعل (لما دلَّ عليه الكلام أو دلَّ عليه الحال المشاهدة، فالأول نحو: {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} القيامة: ٢٦ ففي ((بلغت)) ضمير مستتر مرفوع


(١) محمد عبد العزيز النجار: ضياء السالك إلى أوضح المسالك، مؤسسة الرسالة، ط ١، ) ١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م (٢/ ٦
(٢) سيبويه: الكتاب، ١/ ٢٢٤
(٣) ولم يكتف سيبويه مع قوله: ((إذا كان غدا فأتني)) بالإشارة إلى حذف الضمير لدلالة السياق عليه، بل تتبع هذه الجملة (التركيب) وربطها ببعض المعاني السياقية التي قد تأتي مع هذه الجملة، يقول: ((وقد تقول: إذا كان غَدًا فأْتِنى، كأنّه ذكر أمراً إمَّا خُصومًة وإمّا صُلحًا، فقال: إذا كان غدًا فأْتِنى)).

<<  <   >  >>