للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن خلال السِّياق أيضا نُفَرِّق بين ما هو «للتعظيم»، وما هو «للترحُّم»، فـ «مذهب الترحم على غير منهاج التعظيم والشتم ... [فـ] الترحم إِنَّمَا هو رقة وتحنن، يلحق الذاكر على المذكور في حال ذكره إياه رقة عليه وتحننا») (١). يقول سيبويه: «ومن هذا الترحم، والترحم يكون بالمسكين والبائس ونحوه، ولا يكون كل صفة ولا كل اسم، ولكن ترحم بما ترحم به العرب») (٢).

المبحث الخامس: سياق الحال والأدوات النحوِيَّة:

قبل أَنْ نشرع في إيضاح علاقة بعض الأدوات النحوِيَّة بالسِّياق من خلال نصوص سيبويه نُصَدِّرُ كلامنا بقولٍ مُهِمّ لأستاذنا تَمَّام حسان عن «الأدوات» يقول فيه: «إِنَّ المعاني التي تؤدِّيها الأدواتُ جميعا هي من نوع التعبير عن علاقات في السِّياق، وواضح أَنَّ التعبير عن العلاقة معنى وظيفي لا معجمي؛ فلا بيئة للأدوات خارج السِّياق؛ لأَنَّ الأدوات كما ذكرنا ذات افتقار إلى الضمائم أو بعبارة أخرى: ذات افتقار متأصل إلى السِّياق») (٣). أي أَنَّ الأدوات النحوِيَّة هي من أهم ما يبرز دور السِّياق ويوضح أهميته.

وفيما يلي مجموعة من الحروف والأدوات النحوِيَّة التي لاحظنا تدخُّلَ سياق الحال في تحديدها وفي خصائصها، وهي كما يلي:

١ ــ أمَّا الشرطيِّة:

من الأدوات التي نظنُّ أَنَّ سياق الحال له دور في تحديد معناها النَّحْوِيّ عند سيبويه الأداة «أَمَّا» فقد ذكر لها معني نحويا لا يُتَأَتَّى إليه إلا من خلال نصوص لها سياقاتها. يقول: «أَمَّا وإذا يُقطَعُ بهما الكلامُ، وهما من حروف الابتداء يَصرفانِ الكلامَ إلى الابتداء») (٤). والقطع مصطلح نحوي يراد به في النحو: «عدم ربط الكلمة بما قبلها في الإعراب، وتُعد جزءا من جملة جديدة») (٥).

وجملة سيبويه التي وردت في الجملة السابقة «يُقطَعُ بهما الكلامُ» تقتضي أمرين:

» وجود ذات واعية) متكلم (تقوم بقطع الكلام.


(١) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٧٥ الحاشية ذات الرَّقْم ١، والكلام هنا للسيرافي.
(٢) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٧٤ ــ ٧٥
(٣) اللُّغَة العَرَبِيَّة معناها ومبناها، ص ١٢٧
(٤) سيبويه: الكتاب، ١/ ٩٥
(٥) د. محمد عبادة: معجم المصطلحات النَّحْوِيَّة، ص ٢٥٠

<<  <   >  >>