للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

» وجود كلام يُقطَع، والكلام الجديد يجب أَنْ يرتبط بسياق سابق معلوم بين المُتَكَلِّم والمخاطب؛ حتى يكون الكلام مفهوما ومقبولا.

بناء على ما سبق يمكن أَنْ نقول إِنَّ «أَمَّا» من استخداماتها قطع الكلام، وتحويله إلى سياق جديد. والسِّياق الجديد يتطلب ((مبتدأ، أو مسندا إليه)) جديدا يدور حوله الكلام؛ لأَنَّ سيبويه في آخر المقولة السابقة «يصرفان الكلام إلى الابتداء».

وقد علمنا من سابق كلامنا أَنَّ المُتَكَلِّم لا يبدأ الكلام في الغالب إلا بجملة اسمية، وهي تقتضي مبتدأ معروفًا سلفا بين المُتَكَلِّم والمخاطب.

ويؤكد السيرافي هذا المعنى بألفاظ واضحة؛ فيقول: «و ((أمَّا)) يُبْتَدأ بها، وإن وردت بعد كلام صرفت ما بعدها إلى الابتداء وقطعته عن الأول») (١).

ومما يسترعي الانتباه أَنَّ السيوطي في الإتقان خصَّ «أَمَّا» بحديثٍ ذكر فيه أَنَّ من معاني

«أَمَّا» أنَّها: «حرف شرط وتفصيل وتوكيد») (٢)، ولم يشر إلى ما قد تتضمنه «أَمَّا» من ابتداء، وتبعه في ذلك الأستاذ عباس حسن، فذكر نفس الكلام عند حديثه عن معنى «أَمَّا» الشرطيِّة) (٣)، ولم يشر إلى أنَّها تأتي قاطعة للكلام، ويُبدَأ بها سياقٌ جديد) (٤).

ويمكن أَنْ نستغل عدم إشارة النحاة ــ حسبما وقف الباحث ــ للمعنى الذي أشار إليه سيبويه هنا فنقول: إِنَّ هذا قد يُستشْهَد به على أَنَّ عدم استقراء الكلام في سياقاته المختلفة ــ كما يفعل سيبويه ــ قد يؤدِّي إلى أَنَّ القاعدة النحوِيَّة قد تأتي ناقصة مضطربة، أو غير جامعة مانعة) (٥).

٢ ــ ألف التَّرَنُّم وياؤه وواوه:

تتبَّع الباحث مصطلح «التَّرَنُّم» عند العلماء ووقف على الحقائق الآتية:

- أنَّ التَّرَنُّم هو: «مدُّ الصوت بمدة تجانس حركة الروِي») (٦).


(١) شرح كتاب سيبويه: ١/ ٤٠٠
(٢) الإتقان: ص ٢٢٥، وجاء في تاج العروس: التفصيل التبيين.
(٣) النحو الوافي، ٤/ ٥٠٤
(٤) وكذلك الأداة ((إذا)) التي وردت في نصّ سيبويه، لا تذكر المصادر التي وقفنا عليها معنى الابتداء فيها، ويحصرون معناها في أنَّها: ظرف لما يستقبل من الزمان، ظرفية لا تتضمن معنى الشرط، الفجائية. يراجع: المعجم الوافي في أدوات النحو العربي، ص ٣٥
(٥) يراجع التمهيد الذي قدمنا به البحث.
(٦) محمد بن عبد الله الطائي: شرح الكافية الشافية، ت: عبد المنعم أحمد هريدي، جامعة أم القرى، ط ١، ) بدون تاريخ للطبعة (، ٣/ ١٤٢٧

<<  <   >  >>