للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكَأَنَّهم أرادوا أَنْ يزيدوا العلمَ بيانا وإيضاحا») (١). أي زيادة التأكيد على الإنكار، ولا بد أَنْ يكون هذا بدافع سِياقِيّ.

ويشير في موضع آخر أَنَّ العلامة «نيه» في حالة «الاستفهام الإنكاري» ليست واجبة الإلحاق فـ «إِنْ شئت تركت العلامة في هذا المعنى كما تركت علامة الندبة») (٢). ويصرح أيضا أَنَّ السِّياق إذا لم يدل على «الاستفهام الإنكاري»، ودل فقط على «الاستثبات والاسترشاد»؛ امتنعت هذه العلامة. يقول: «وإن كنت متثبتا مسترشدا إذا قال ضربت زيدا، فَإِنَّك لا تُلحق الزيادة. وإذا قال ضربتُه فقلت: أقلتَ ضربتُه؟ لم تلحق الزيادة أيضا؛ لأَنَّكَ إِنَّمَا أوقعت حرف الاستفهام على قلت، ولم يكن من كلام المسئول، وإِنَّمَا جاء على الاسترشاد، لا على الإنكار») (٣).

***

[٢ ــ أسلوب النفي]

لن يدور الحديث هنا عن أسلوب النفي إلا فيما يخص علاقته بسياق الحال من خلال نصوص سيبويه. ولم نتمكن من الوقوف على هذه العلاقة إلا من خلال حديث سيبويه عن النكرة التي تأتي في أسلوب نفي. فهذا هو الموضع الوحيد التي يمكن من خلاله ــ فيما أعتقد ــ رصد علاقة لسياق الحال بهذا الأسلوب.

وبداية وقبل إيضاح هذا الموضع نذكر أَنَّهُ من القواعد التي يُقرُّها علم أصول الفقه: أنَّ النكرة في سياق نفي تفيد العموم، قال الرازي) ٦٠٦ هـ (: «الفصل الرابع في أن النكرة في سياق النفي تعمُّ وذلك لوجهين ... ») (٤)، ويقول الآمديُّ) ٦٣١ هـ (: «الصنف السادس في المطلق والمقيد. أما المطلق فعبارة عن النكرة في سياق الإثبات. فقولنا: ((نكرة)) احتراز عن أسماء المعارف وما مدلوله واحد معين أو عام مستغرق. وقولنا: ((في سياق الإثبات)) احتراز عن النكرة في سياق النفي، فإنَّها تعم جميع ما هو من جنسها») (٥).


(١) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٤٢١
(٢) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٤٢٢
(٣) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٤٢٢
(٤) المحصول في علم الأصول، ت: د. طه جابر فياض العلواني، مؤسسة الرسالة، بدون تاريخ للطبعة، ٢/ ٣٤٣
(٥) الإحكام في أصول الأحكام، ت: عبد الرزاق عفيفي، دار الصميعي، ط ١، ٢٠٠٣ م، ٣/ ٣

<<  <   >  >>