للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- وروي عن الأصمعيِّ أنَّه قال: «أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أَنْ يَدخُلَ في جُمْلةِ قولِ النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ: ((منْ كذب عليّ متعمِّدًا فليتبوأ مقعده من النار)) (١)؛ لأَنَّه [صلى الله عليه وسلم] لم يكن يلحن، فمهما رَوَيْتَ عنه ولحنت فقد كذبت عليه» (٢).

- ومن نفائس أقوال الإمام الشافعي ــ رحمه الله ــ عن هذا العلم الجليل قوله: «من تبحّر في النحو اهتدى إلى جميع العلوم»، وقوله: «لا أُسْأَلُ عن مسألة في الفقه إلّا أجبت عنها من قواعد النحو» (٣).

ويضيق المقام بتتَبُّع هذه الأقوال، فهي أكثر من تحصى، أو يأتي عليها العد. وجميعها توضح أهمِيَّة هذا العلم الجليل.

وإبَّانُ الدراسة الجامعية وجَّه نظرَنا أستاذُنا الدكتور كمال بشر إلى علم مُهِمّ من العلوم اللُّغَوِيَّة الحديثة التي تدرس اللُّغَة، ذاك هو علم اللُّغَة الاجتماعِيّ، ونبَّهنا سيادته إلى أهمِيَّة هذا العلم وأهمِيَّة البعد الاجتماعِيّ والسِّياقي في دراسة اللُّغَة، وأظهر لنا العلاقة الوثيقة بين المجتمع واللُّغَة، وأنَّه من الخطأ البَيِّنِ إهمال هذا البعد الاجتماعِيّ في دراسة اللُّغَة.

كان من نتيجة هذه الدراسة لعلم اللُّغَة الاجتماعِيّ مع أستاذنا د. كمال بشر أَنْ وَقَر في الذهن أهمِيَّة هذا الربط؛ ومدى الفوائد القيِّمة التي تعود على اللُّغَة من ذلك؛ فتولدت الأمنيةُ والرغبةُ الشديدةُ لدي الباحث في متابعة الدراسة في هذا المجال، مجال ربط السِّياق بدراسة اللُّغَة وبخاصة قواعدها؛ وقَطَعَ الباحثُ بينه وبين نفسه العزمَ على المضي قُدُما في استكناه هذه العلاقة، وأمضى النيَّة أَنْ يكون هذا مجال بحثه.

وسعينا راجين من الله التوفيق. ولما كانت الدوريات والمجلات اللُّغَوِيَّة والأدبيَّة مظانَّ لأفكار كثيرة يكتبها المتخصِّصون في مختلف الفروع اللُّغَوِيَّة فقد اتجه الباحث إلى هذه الدوريَّات، وبالأخص منها مجلة مجمع اللُّغَة العربِيَّة بالقاهرة، عساه أَنْ يجد فكرة هنا أو هناك في مقال من مقالاتها القيِّمة ترضي الرغبة في دراسة علاقة السِّياق بالقواعد النحوِيَّة.


(١) حديث صحيح، خرجه الإمام الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم: ((١٣٨٣))، ينظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، مكتبة المعارف للنشر، الرياض، ط ١، ١٩٩٥ م، ٣/ ٣٧١، وفي كتابه ((التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان)) قال الألباني عن هذا الحديث إِنَّهُ: ((صحيح متواتر))، ١/ ١٦١
(٢) ياقوت الحموي: معجم الأدباء، ١/ ٢٩
(٣) ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ت: محمود الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق ــ بيروت ط ١، ) ١٤٠٨ هـ ــ ١٩٨٨ م (، ٢/ ٤٠٧

<<  <   >  >>