للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان من فضل الله أَنْ عثرنا على مقال بعنوان ((الجملة في كتاب سيبويه)) للأستاذ الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح، ووقفنا فيها على بعض العبارات المُهِمَّة لسيادته عن كتاب سيبويه قال

فيها:

« ... الملاحظات كثيرة جدا في الكتاب، وهي تخص أحوال الخطاب مقترنا بأحوال المخاطب: علم المخاطب وجهله واستحالة الإخبار عن منكور، اللهم إلا إذا احتاج المخاطب إلى تحديد هذا المنكور بأنْ يعين حلية خاصة به تميزه عن غيره. ويمكن بالدراسة المتعمقة لهذه الملاحظات أَنْ تُسْتَخرج قوانينُ التخاطب الحقيقيَّة») (١).

ويشير في موضع ثانٍ من مقالته:

« ... ولا بد أَنْ نُنَبِّه القارئ الكريم أَنَّ مثل هذا الكلام عن ((علم المخاطب)) وسائر أحواله لا يمكن أَنْ نعثر عليه في كتب الآخرين؛ فالقواعد الجامدة الخاطئة أحيانا قد حلت محل الملاحظات العلميَّة، (تكلموا مثلا عن شروط الابتداء بالنكرة فقط وبدون أَنْ يفسروا ظواهر الخطاب بالكيفية العلميَّة الوصفيَّة والتعليليِّة معا)» (٢).

كانت جملة د. عبد الرحمن الحاج صالح في نصه السابق: «الملاحظات كثيرة جدا في الكتاب، وهي تخص أحوال الخطاب مقترنا بأحوال المخاطب: علم المخاطب وجهله واستحالة الإخبار عن منكور» باعثة على التفكير والتأَمُّل، ودفعت في ذهن الباحث بالسؤال الآتي: أليست أحوال الخطاب المقترنة بأحوال المخاطب ــ على حد تعبير د. عبد الرحمن ــ تدلُّ على وقوف سيبويه على علاقة ما بين السِّياق والقاعدة النحوِيَّة التي يقعد لها؟ والإجابة بعد تحليل عبارة د. عبد الرحمن: بلى، إِنَّ كلامه يشير إلى وجود تلك العلاقة، ويشير كلامه أيضا أَنَّ النُّحَاة من بعد سيبويه لم يلتفتوا إلى تلك العلاقة.

هنا عثر الباحث على طِلْبَته التي كان يبحث عنها، ووضع يده على ما يحقق رغبته العلميَّة وبعد تفكير ليس بالطويل ظهر موضوع البحث، وهو: «قرينة السِّياق ودورها في التَّقْعِيد النَّحْوِيّ والتوجيه الإعرابِيّ في كتاب سيبويه».

كان هذا هو الموضوع الذي أمُلت أَنْ أقع على مثله بحثا ودراسة، وأَنْ أقضي فيه بعضا من وقتِيّ مشبعا لرغبتي في بحث العلاقة بين السِّياق والقواعد النحوِيَّة.


(١) مجلة مجمع اللُّغَة العَرَبِيَّة: القاهرة، ع ٧٨، ) ١٩٩٦ م (، ص ٩٨
(٢) السابق، ١٠٤

<<  <   >  >>