للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعند الشروع في الدراسة، ومرور الوقت، والتعمُّق في هذا الموضوع ازداد التعلُّق به، وانكشفت للباحث جوانب مُهِمَّة عن أهمِّيَّته دَلَّت على توفيق الله لنا ــ وله الحمد والشكر ــ في اختياره موضوعا للبحث والدراسة.

ومن جوانب الأهمية التي بدَتْ للباحث قبل الشروع في دراسة الموضوع:

١ ــ الحقيقة النحوِيَّة ــ كأَيَّة حقيقة أخرى ــ لها أبعاد مختلفة، وجوانب متعددة، منها الجانب الاجتماعِيّ، وليس من الموضوعية في شيء أَنْ يُنْظَر إلى الصورة من زاوية واحدة وتُتْرَك بقية الزوايا.

٢ ــ التعمُّق في هذا الموضوع يضع أيدينا على قوانين التخاطب الحقيقيَّة، ويُوقِفُنَا على بعض القواعد الجامدة الخاطئة التي حلَّت محل الملحوظات العلمية كما أشار د. عبد الرحمن صالح في مقالته السابقة.

٣ ــ أن البحث سيكون مع عَلَم من أعلام النحو العربي وإمام من أئمتهم، وكتابه «أصل الكتب المُصَنَّفَة في النحو واللغة» كما يقول السيوطي في الاقتراح، وإثبات وجود علاقة بين السِّياق والقاعدة النحوِيَّة عند هذا العَلَم أمرٌ سيثير سؤلا مهمًّا هو: لماذا لم يهتم النحاة بهذا الجانب الاجتماعي بشكل أوضح في مؤلفاتهم؟ ولماذا كان الاهتمام منصبًّا على نظرية العامل؟

٤ ــ دراسة هذا الموضوع ستضع أيدينا على كيفية استغلال السياق في الجوانب التعليميَّة

والأدبيَّة.

وبعد الاستقرار على عنوان هذا البحث بدأ الباحثُ رحلة القراءة في كتاب سيبويه، وأخذ الباحث على نفسه أَنْ يُدارس الكتاب في وَنَاءٍ وعلى مَهَلٍ مدارسةً متقنةً جادّةً غير هازلة، مشحوذةً بالتنبُّه، مصقولةً بحسن التمييز والتدبُّر، قدر استطاعته وقدر ما وسعه الجُهْد. ويعلم الله كم كانت هذه الرحلة وهذه القراءة شاقَّة وعسيرة، وكم من الصعوبات التي لقيها الباحث في أثناء تتَبُّعه لعبارات الكتاب محاولا فك معاقدها ومطاويها! وما زال الباحث يذكر كيف كان يقضي سحابة نهاره واقفا أمام نصّ واحد من نصوص الكتاب يحاول فهم ما يريده سيبويه.

لقد حاول الباحث على مُكْثٍ تحليل نصوص الكتاب تحليلا متأنِّيًا، محاولا أَنْ يسوس عبارات الكتاب حتى تُفضي إليه بذات معناها، وتمنحه بعض إِتَائِها، وما تحتقِبُه من دلالات، لقد قرأ الباحث نصوص الكتاب متأمِّلا ومقلبا لها يمنة ويسرة؛ فيخرجُ وقد نجح حينا، أو يخرجُ خاوي الوفاض أحيانا أخرى، وفي أثناء هذه الوقفات فهم الباحث بشكل أعمق وأثبتَ الأمرَ عن معاينة: لماذا كان العلماء يَعُدُّون من مناقبهم قراءتَهم لكتاب سيبويه، أو شرحهم له؟

<<  <   >  >>