للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قسمت حديثي عن منهج سيبويه إلى قسمين يُكمل بعضهما بعضا:

- قسم أخذته من أقوال العلماء.

- وقسم آخر من واقع دراستي الشخصيَّة لنصوص الكتاب نفسها) (١).

أما القسم الأول فإِنَّهُ من خلال النصوص التي جمعتُها من أقوال العلماء وإشاراتهم يمكن تحديد أركان هذا المنهج في النقاط التالية:

أتوثيق الرواية والتثبت فيما ينقله من كلام العرب وكلام العلماء:

بنى سيبويه كتابه على التوثيق والتثبُّت، فهو «يتحرَّى الدِّقَّةَ في العرض، ويُعنَى بتمييز الصريح من المشوب، والتنبيه على ما يصادف من المنحول») (٢). ويظهر هذا جليًّا في إشارات متفرقة للعلماء في كتب التراجم التي ترجمت له، من هذه الإشارات:

- قوله: «حدَّثني من أثق بعربِيَّته» (٣)، ومثل قوله: «أخبرني الثقة» (٤).

- قول الأخفش عن سيبويه: «كان سيبويه إذا وضع شيئا من كتابه عرضه على» (٥).

- وحينما قيل ليُونُس بعد موت سيبويه: «إِنَّ سيبويه صنَّف كتابا في ألف ورقة من علم

الخليل؛ فقال: ومتى سمع سيبويه هذا كله من الخليل؟ ! جيئوني بكتابه. فلما رآه قال: يجب أَنْ يكون قد صدق فيما حكاه عن الخليل؛ كما صدق فيما حكاه عني» (٦).

- قال البغدادي) ت ١٠٩٣ هـ (: «ويؤخذ من هذا أنَّ الشاهد المجهول قائله وتتمته إنْ صدر من ثقة يعتمد عليه قُبل؛ وإلا فلا. ولهذا كانت أبيات سيبويه أصحَّ الشواهد، اعتمد عليها خلفٌ بعد سلف، مع أنَّ فيها أبياتا عديدة جُهل قائلوها، وما عِيب بها ناقلوها، وقد خرج كتابه إلى الناس والعلماء كثير، والعناية بالعلم وتهذيبه وكيدة») (٧).


(١) وهذا القسم سنخصص له فصلا مستقلا فيما بعد.
(٢) د. على النجدي ناصف: سيبويه إمام النُّحَاة، ص ١٥٠
(٣) الزبيدي: طبقات النحويين واللغويّين، ص ٦٧
(٤) السيرافي: أخبار النحويين البصريين، ص ٦٤، القفطي: إنباه الرواة على أنباه النُّحَاة، ٢/ ٣٥٠
(٥) القفطي: إنباه الرواة على أنباه النُّحَاة، ٢/ ٣٥٠، ابن قتيبة: عوارف المعارف، دار المعارف، القاهرة، ص ٥٤٦
(٦) السيوطي: بغية الوعاة، ٢/ ٢٢٩
(٧) خزانة الأدب: ١/ ١٦

<<  <   >  >>