للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول: سرت فإذا أنا في حال دخول، فالدخول متصل بالسير كاتصاله بالفاء») (١). أي أَنَّ الفعل دال على الحال.

ويرفع أيضا الفعل المضارع بعد حتى إذا دَلَّ على الحال المؤوَّلة أو المحكية وهي التي

«يكون فيها معنى المضارع قد تحقَّق وانتهى فعلا قبل النطق بالجملة، وكان المناسب أَنْ يُذكر الفعل بصيغة الماضي، ولَكِنَّه يعاد ذكره بصيغة المضارع بقصد حكاية الحال الماضية التي ترشد إليها القرينة») (٢). يقول ابن السراج: «وأما الوجه الثاني من الرفع: فأنْ يكون الفعلُ الذي بعد «حتَّى» حاضرًا ولا يراد به اتصاله بما قبله، ويجوز أن يكون ما قبله منقطعًا، ومن ذلك قولك: لقد سرت حتى أدخلها، ما أمنع حتى أني أدخلُها الآن، أدخلُها كيفَ شئت، ومثل قول الرجل: لقد رأى مني عامًا أول شيئًا حتى لا أستطيع أن أكلمه العامَ بشيءٍ. ولقد مَرِض حتى لا يرجونه، إنَّما يراد أنَّه الآن لا يرجونه، وأنَّ هذه حاله وقت كلامه») (٣).

وهذا ما سبق وقرره سيبويه إذ يقول: «أَمَّا الوجه الآخر: فإِنَّهُ يكون السير قد كان وما أشبهه ويكون الدخول وما أشبهه الآن، فمن ذلك: لقد سرت حتى أدخلها ما أُمنَع؛ أي حتى أني الآن أدخلها كيفما شئت») (٤).

إذن فالمتحكم في العلامة الإعرابِيّة للفعل المضارع بعد «حتى» هو المُتَكَلِّم مدفوعا بالسِّياق الذي يوجد فيه، وهذا ما يؤكده «الرَّضِيّ» في شرحه على «كافية ابن الحاجب» في عبارة واضحة يقول فيها: «ثُمَّ إذا أردنا أَنْ نُبين متى يرفع المضارع بعد حتى ومتى ينصب قلنا: ذاك إلى قصد المُتَكَلِّم، فإنْ قصد الحكم بحصول مصدر الفعل الذي بعد حتى: إما في حال الإخبار، أو في الزمن المتقدم عليه على سبيل حكاية الحال الماضية وجب رفع المضارع، سواء كان بناء الكلام المتقدم على اليقين ... أو على الظن والتخمين») (٥).

ويورد سيبويه جملة يقول فيها: «إِنَّمَا سرت حتى أدخلَها»، وأشار بعدها أَنَّ هذه الجملة بنصب الفعل المضارع قد تعبِّر في سياق ما عن «احتقار المُتَكَلِّم للسير الذي أدَّى إلى


(١) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٧
(٢) عباس حسن: النحو الوافي، ٤/ ٣٤٠
(٣) الأصول في النحو، ٢/ ١٥٢
(٤) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٧
(٥) شرح الرَّضِيّ على كافية ابن الحاجب، ت: د. يحيي بشير مصري، جامعة الإمام محمد بن سعود، السعودية ط ١، ) ١٩٩٦ م (، القسم الثاني ــ المجلد الأول، ص ٨٦٥

<<  <   >  >>