للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• التوبيخ والتقرير والشتم:

يقول: «تقول للرجل: أطربًا! وأنت تعلم أَنَّهُ قد طرب، لتوبَّخه وتقِّرره») (١). ويقول في نصّ آخر: «قولك: أَتمَيميًّا مَرَّة وقَيْسِيًّا أُخْرَى. وإنَّما هذا أنَّك رأيتَ رجلاً في حال تلوُّنٍ وتنقُّلٍ، فقلت: أتميمًا مَرَّة وقيسيًّا أُخْرَى، كَأَنَّك قلت: أتحول تميميًا مَرَّة وقيسيًا أخرى. فأنت فى هذه الحال تعمل في تثبيت هذا له، وهو عندك فى تلك الحال في تلوُّنٍ وتنقُّلٍ، وليس يَسأله مسترشِدًا عن أمرٍ هو جاهلٌ به ليفهَّمَه إيّاه ويُخبِرَه عنه، ولَكِنَّه وبَّخه بذلك») (٢).

ويؤكد سيبويه هذا في قوله: «وذلك قولك: تمَيميًّا قد عَلِمَ اللهُ مَرَّة وقيسيًا أُخرى. فلم ترد أَنْ تخبر القوم بأمر قد جهلوه، ولكنك أردت أَنْ تشتمه بذلك، فصار بدلاً من اللفظ بقولك: أَتَتَمَّمُ مَرَّة وتَتَقَيَّسُ أخرى، وأَتَمضون وقد استَقبلكم هذا، وتَنَقَّلُون وتَلَوَّنُون») (٣).

فالأسئلة: «أطربا؟ »، «أَتمَيميًّا مَرَّة وقَيْسِيًّا أُخْرَى؟ »، «تمَيميًّا قد عَلِمَ اللهُ مَرَّة وقيسيًا

أُخرى؟ » ليست على حقيقتها؛ لأنَّها لا تصدر عن «شاكٍّ»، بل هي لأغراض سياقية أخرى، فإذا رأينا رجلا في حال «تلوُّن وتنقُّل في مواقف سياقية متعددة ومن خلال خبرات سابقة» قلنا له:

«أَتمَيميًّا مَرَّة وقَيْسِيًّا أُخْرَى؟ » أي: «أتتخلق مرة بأخلاق تميم، وتارة بأخلاق قيس، ولا تعتمد على خلق واحد منهما. كأنَّه يثبت له هذه الحال ويوبخه عليها، وليس يسترشده عما يجهله، وإن كان بلفظ الاستفهام») (٤).

فالمتكلم حذف الفعل المقدر «أتتحول وتتلون، وأغناه عن ذكر الفعل ما شاهد من الحال») (٥). وإذا أثار أحدهم حفيظة المتكلم في مقام ما قال له: «تمَيميًّا قد عَلِمَ اللهُ مَرَّة وقيسيًا أُخرى» شتما له.

• التنبيه:

قال سيبويه في باب «ما ينتصب من الأسماء التى أُخذت من الأفعالِ انتصابَ الفعل، استفهمتَ أو لم تَستفهم»: «قولك: أَقائمًا وقد قَعَدَ الناسُ، وأَقاعِدًا وقد سار الرَّكْبُ. وكذلك إِنْ أردتَ هذا


(١) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٧٦
(٢) سيبويه: الكتاب، ١/ ٣٤٣
(٣) سيبويه: الكتاب، ١/ ٣٤٥
(٤) ابن يعيش: شرح المفصل، ٢/ ٣٣
(٥) المبرد: المقتضب، ٣/ ٢٦٤

<<  <   >  >>