للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن خلال دراسة هذا المصطلح، ودراسة كتاب سيبويه نفسه يمكن تقسيم سياق الحال من حيث «الوقتِيَّة والديمومة» إلى قسمين:

• سياق حال لحظِيّ وقتِيّ عابر.

• سياق حال شبه ثابت، يتمثل مثلا في العرف الاجتماعِيّ والعادات والتقاليد، والخلفيَّة العَقِيدِيّة.

• تأثير سياق الحال على اللُّغَة / الكلام:

من الأمور التي يجب إبرازها ومناقشتها وتسليط الضوء عليها بعد أَنْ انتهينا من تعريف سياق الحال وذكر أهم مصطلحاته ــ تأثيرُ سياق الحال على اللُّغَة / الكلام. وهي نقطة جوهرِيَّة في موضوع بحثنا، تستحق وقفة متأنيَّة بعض الشيء.

وقبل إبراز هذا التأثير ينبغي أولا تسليط بعض الضوء على العلاقة بين اللُّغَة والكلام، تلك الثُّنائِيَّة التي جاءت بها بعض المدارس اللُّغَوِيَّة الحديثة.

فإذا تحَدَّثنا عن تأثير سياق الحال على اللُّغَة؛ فهل يعني هذا إهمال جانب الكلام؟ وإذا تحَدَّثنا عن تأثير سياق الحال على الكلام؛ فهل يعني هذا إهمال جانب اللُّغَة؟ أم أَنَّ حديثنا عن تأثير سياق الحال يعني ضمنا الحديث عن التأثير في هذه الثُّنائِيَّة معًا؟

إنَّ مسَوِّغ هذه المناقشة أَنَّنا سنتحدث عن السِّياق ودوره في التَّقْعِيد والتوجيه النَّحْوِيّين عند سيبويه، وسيتمخض عن هذا بعض النتائج والقواعد، فهل هذه النتائج تتَعَلَّق باللُّغَة أم بالكلام؟


=
٨. ... لسان الحال (ينْظَر: د. كمال بشر: علم اللُّغَة الاجتماعِيّ، ص ٨٨)
٩. ... ومنها أيضا هذا المصطلح الحديث نسبيا هو التداوُلِيَّة Pragmatics: وهو مصطلح يتناول بالدراسة منطقة تتنازعها علوم ثلاثة: علم الدِّلَالَة Semantics، وعلم اللُّغَة الاجتماعِيّ Sociolinguistics، وعلم سياق الحال Extralinguistic context.) ينظر David Crystal، A Dictionary Of Linguistics And Phonetics, P.٣٧٩ وهو ((دراسة اللُّغَة لا بوصفها نظاما أو بنية بل على نحو ما تستعمل في المواقف الاتصالِيَّة المختلفة: واقعيَّة أو متخيلة)).) ((المقام في البلاغة العَرَبِيَّة: دراسة تداولية)): د. شكري الطوانسي، مجلة عالم الفكر، العدد ١ ــ المجلد ٤٢ سبتمبر ٢٠١٣ م، الكويت، ص ٦١ (فهو بمنزلة ((علم جديد للتواصل، يدرس استعمال اللُّغَة في التواصل، وما يحكم هذا الاستعمال، أو هذا التواصل من عمليات ومعارف لسانية؛ وكل ما يتصل به: أطرافه وصيغه، وأشكاله، ومقاماته، ومراميه، وآثاره، ونجاحه وملاءمته، أوتشويشه، وإخفاقه)) السابق: ص ٦٤

<<  <   >  >>