للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ومقولة الخليل عن اللفظة «وَيْ» بكونها تدل على التندم تدل دلالة قاطعة على اعتبار الخليل لسياق الحال عند التحليل الدِّلَالِيّ للألفاظ أو الأساليب.

• إن كلمة «وَيْ» من الكلمات التي لا يُبتدَأُ بها الكلام، فهي كلمة كما أشرنا تتطلب قصة وحدثا ومسرحا لغويا قبلها لكي يصح استخدامها. ولَعلَّ هذا ما يوحي بفكرة إمكانيَّة تقسيم ألفاظ اللُّغَة وأساليبها إلى مجموعتين كبريين: ألفاظ وأساليب يمكن أَنْ يبدأ بها الكلام، وألفاظ وأساليب تستعمل في مرحلة تالية منه لتطلُّبِها سياقا ومسرحا لغويا قبلها.

• ارتباط معني التنبيه والتندم استعمالا بـ «وَيْ»، وهذا ما يمكن أَنْ نسميه المصاحبة الدِّلالِيَّة، أو الرصف الدِّلَالِيّ ــ إِنْ جاز التعبير ــ على غرار المصاحبة اللفظِيَّة Collocation أو الرصف اللفظي. وليس هذا للأداة «ويْ» وحدها بل لكل للأدوات التي تعتمد على السِّياق.

***

١٢ ــ الأداة «وَيْح»:

ربط سيبويه بين هذه الأداة وبين معنى نفسِيّ هو التعجب؛ فقال: «إذا قلت ويحه فقد تعجبت وأبهمتَ، من أي أمور الرجل تعجبت، وأي الأنواع تعجبت منه. فإذا قلت فارسا وحافظا فقد اختصصت ولم تُبهم، وبينت في أي نوع هو)) (١).

يشير سيبويه في هذا النَّصّ أَنَّ «وَيْح» لها دلالتان: التعجب والإبهام في حالة عدم وجود تمييز بعدها، والتعجب فقط في حالة وجود تمييز؛ أي أَنَّ التعجب معنى ملازم لهذه الأداة.

والتعجب ذكره التهانوي في كشافه فقال عنه: «وقال ابن الصائغ: استعظام صفة خرج بها المتعجّب منه عن نظائره. وقال الزَّمَخْشَرِيّ: معنى التعجب تعظيم الأمر في قلوب السامعين؛ لأنّ التعجّب لا يكون إلّا من شيء خارج عن نظائره وأشكاله. وقال الرماني: المطلوب في التعجب الإبهام؛ لأنّ من شأن الناس أَنْ يتعجّبوا مما لا يعرف سببه، فكلّما استبهم السبب كان التعجب أحسن. قال واصل: التعجب إِنَّمَا هو للمعنى الخفي سببه») (٢).

فالتعجب أمر نفسِيّ ينتج عن استعظام المُتَكَلِّم لصفة خرج بها المتعجب منه عن نظائره. فالتعجب إذن يتطلب طرفين أساسيين: متكلم متعجب، ومتعجب منه. ولابد للطرفين من ملابسات سِيَاقِيَّة مُعَيَّنَة تضم الطرفين. لذلك يمكن أَنْ نقول إِنَّ الأداة «وَيْح» أداة سِيَاقِيَّة في المقام الأول.


(١) سيبويه: الكتاب، ٢/ ١٧٤
(٢) كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، ١/ ٤٧٤

<<  <   >  >>