للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن يبدو من الموضع الذي معنا من نصّ سيبويه أَنَّه يضيف موضعا آخر من المواضع التي يمكن فيها صرف الممنوع من الصرف في النثر لغير التناسب مرتبطا بسياف الحال. يقول في هذا الموضع: «فإنْ قلت: عمرٌ آخر صرفته؛ لأنَّهُ نكرة؛ فتحول عن موضع عامر معرفة») (١).

لم يشر سيبويه في النَّصّ إلى أي «تناسب» يبرِّر صرف كلمة عمر، ولا يمكن فهم صرف عمر في الجملة السابقة إلا في ضوء سياق الحال. فيمكن أَنْ نتخيل سياقا يضم متكلما يتحدَّث إلى مخاطب «ضرب من قبل شخص يسمى عمر»، فيقول المُتَكَلِّم للمخاطب ــ مشيرا إلى صورة

مثلا ــ: أهذا عمرُ الذي ضربك؟ ، فيقول: لا، بل عمرٌ آخر.

إنه السِّياق الذي نقل العلم من التعريف إلى التنكير بلا شك؛ وسمح بتنكير كلمة عمر، كما أشار سيبويه في نصه السابق، وهو وإن لم يشر إلى ذلك إلا أَنَّهُ ينبغى أَنْ يكون كذلك) (٢).

- الموضع الثاني:

وهو موضع بعيد عن سياق الحال نسبيا، ولكنا نقوله زيادة للفائدة وهو إضافة المعرفة إلى

النكرة. يقول: «ألا ترى أنَّك لو قلت: هذا زيدُ رجلٍ صار نكرةً، فليس بالعلم الغالب؛ لأَنَّ ما بعده غيَّره، وصار يكون معرفةً ونكرةً به») (٣). أي أَنَّ المعرف «إذا أضيف إلى النكرة فهو نكرةٌ») (٤).

***


(١) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٢٢٤
(٢) ولعله مما يتصل بكلامنا هنا قوله: ((قال في قول الشاعر:
*يا هندُ هندٌ بين خِلبٍ وكَبدْ أنه *
أراد: أنتِ بين خِلب وكبِد، فجعلها نكرةً. وقد يجوز أن تقول بعد النداء مقبِلاً على مَن تحدثه: هندٌ هذه بين خِلبٍ وكبدٍ، فيكون معرفة)). ٢/ ٢٣٨
(٣) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٥٠٧ ــ ٥٠٨
(٤) ابن يعيش: شرح المُفَصّل، ١/ ١٣٧

<<  <   >  >>